وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ الْمُحْدِثَ أَوِ الْجُنُبَ لَا يَجُوزُ لَهُ حَمْلُ الْمُصْحَفِ وَلا مَسُّهُ.
وَقَالَ مَالِكٌ: «لَا يَحْمِلُ الْمُصْحَفَ بِعِلاقَتِهِ، وَلا عَلَى وِسَادَةٍ إِلا وَهُوَ طَاهِرٌ إِكْرَامًا لِلْقُرْآنِ، وَتَعْظِيمًا لَهُ».
وَجَوَّزَ الْحَكَمُ، وَحَمَّادٌ، وَأَبُو حَنِيفَةَ حَمْلَهُ وَمَسَّهُ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: «لَا يَمَسُّ الْمَوْضِعَ الْمَكْتُوبَ».
وَكَانَ أَبُو وَائِلٍ يُرْسِلُ جَارِيَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ إِلَى أَبِي رَزِينٍ لِتَأْتِيَهُ بِالْمُصْحَفِ، فَتُمْسِكَهُ بِعِلاقَتِهِ.
وَكَانَ الشَّعْبِيُّ لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ يَأْخُذَ بِعِلاقَةِ الْمُصْحَفِ غَيْرُ طَاهِرٍ.
وَكَرِهَ بَعْضُهُمُ النَّفْخَ فِي الْمُصْحَفِ.
وَسُئِلَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ عَنِ الْقُرْآنِ تَلْبَسُهُ الْحَائِضُ وَالْجُنُبُ؟ قَالَ: لَا بَأْسَ إِذَا كَانَ فِي حَرِيرَةٍ أَوْ قَصَبَةٍ.
وَعَنْ عَطَاءٍ فِي الْمَرْأَةِ الْحَائِضِ فِي عُنُقِهَا التَّعْوِيذُ، فَقَالَ: إِنْ كَانَ فِي أَدِيمٍ فَلْتَنْتَزِعْهُ، وَإِنْ كَانَ فِي قَصَبَةٍ مِنْ فِضَّةٍ فَلا بَأْسَ.
فَأَمَّا قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ عَنْ ظَهْرِ الْقَلْبِ، فَاتَّفَقُوا عَلَى جَوَازِهَا لِلْمُحْدِثِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَسْجُدُ لِلتِّلاوَةِ، وَجَوَّزُوا لَهُ الاعْتِكَافَ فِي الْمَسْجِدِ.