مِنْ حَقِّ أَخِيهِ، فَلا يَأْخُذْهُ، فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ».
وَذهب آخَرُونَ إِلَى أَن المُرَاد مِنْهُ مدح الْبَيَان، والحث عَلَى تَحْسِين الْكَلَام، وتحبير الْأَلْفَاظ، لِأَن أحد القرينين، وَهُوَ قَوْله: «إِن مِن الشّعْر حكما»، عَلَى طَرِيق الْمَدْح، فَكَذَلِك القرين الآخر، رُوِيَ عَن عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز، أَن رجلا طلب إِلَيْهِ حَاجَة كَانَ يتَعَذَّر عَلَيْهِ إسعافه بهَا، فاستمال قلبه بالْكلَام، فأنجزها لَهُ، ثُمَّ قَالَ: هَذَا هُوَ السحر الْحَلَال.
وَرُوِيَ عَن بُرَيْدَة، عَن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ سِحْرًا، وَإِنَّ مِنَ الْعِلْمِ جَهْلا، وَإِنَّ مِنَ الشِّعْرِ حُكْمًا، وَإِنَّ مِنَ الْقَوْلِ عِيَالا»، فَقَالَ صعصعة بْن صوحان: صدق نَبِي اللَّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
أما قَوْله: «إِن مِن الْبَيَان سحرًا» فالرجل يكون عَلَيْهِ الْحق، فَهُوَ أَلحن بالحجج مِن صَاحب الْحق، فيسحر الْقَوْم ببيانه، فَيذْهب بِالْحَقِّ.
وَقَوله: «إِن مِن الْعلم جهلا» فيتكلف الْعَالم إِلَى علمه مَا لَا يعلم، فيجهله ذَلِكَ.
وَأما قَوْله: «مِن الشّعْر حكما»، فَهِيَ هَذِه الْأَمْثَال والمواعظ الّتي يتعظ النّاس بهَا.
وَأما قَوْله: «مِن القَوْل عيالا»، فعرضك كلامك وحديثك عَلَى مِن لَيْسَ مِن شَأْنه وَلَا يُريدهُ.