اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ لَسِحْرًا، أَوْ إِنَّ بَعْضَ الْبَيَانِ لَسِحْرٌ».
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّد، عَنْ عَبْدِ اللَّه بْنِ يُوسُفَ، عَنْ مَالِكٍ.
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ سِحْرًا، وَإِنَّ مِنَ الشِّعْرِ حِكَمًا»
قَالَ الْإِمَام: اخْتلف النّاس فِي تَأْوِيل قَوْله: «إِن مِن الْبَيَان سحرًا»، فَمنهمْ مِن حمله عَلَى الذَّم، وَذَلِكَ أَنَّهُ ذمّ التصنع فِي الْكَلَام، والتكلف لتحسينه، ليروق السامعين قَوْله، ويشتمل بِهِ قُلُوبهم، وأصل السحر فِي كَلَامهم الصّرْف، وَسمي السحر سحرًا، لِأَنَّهُ مَصْرُوف عَن جِهَته، وَمِنْه قَوْله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {فَأَنَّى تُسْحَرُونَ} [الْمُؤْمِنُونَ: 89]، أَي: تصرفون عَن الْحق، وَقَوله عز وَجل: {إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلا رَجُلا مَسْحُورًا} [الْإِسْرَاء: 47] أَي: مصروفا عَن الْحق، فَهَذَا الْمُتَكَلّم ببيانه يصرف قُلُوب السامعين إِلَى قبُول قَوْله، وَإِن كَانَ غير حق.
وَرُوِيَ عَن مُجَاهِد، قَالَ: قَامَ شَاب، فَاسْتَأْذن النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْخطْبَة، فَأذن لَهُ، فطول الْخطْبَة، حَتَّى قَالَ لَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هِيهْ قطّ الآنَ»، أَو كَمَا قَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَبْعَثْ نَبِيًّا إِلا مُبَلِّغًا، وَإِنَّ تَشْقِيقَ الْكَلامِ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَإِنَّ مِنَ الْبَيَانِ سِحْرًا».
وَرُوِيَ أَن رجلا خطب فَأكْثر،