فَالسَّحَابُ فِي التَّأْوِيلِ حِكْمَةٌ، فَمَنْ رَكِبَ السَّحَابَ وَلَمْ يَهُلْهُ، عَلا فِي الْحِكْمَةِ، فَإِنْ أَصَابَ مِنْهَا شَيْئًا، أَصَابَ حِكْمَةً، وَإِنْ خَالَطَ وَلَمْ يُصِبْ شَيْئًا، خَالَطَ الْحُكَمَاءَ، فَإِنْ كَانَ فِي السَّحَابِ سَوَادٌ، أَوْ ظُلْمَةٌ، أَوْ رِيَاحٌ، أَوْ شَيْءٌ مِنْ هَيْئَةِ الْعَذَابِ، فَهُوَ حِينَئِذٍ عَذَابٌ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ غَيْثٌ، فَهُوَ رَحْمَةٌ.
وَالسَّمْنُ وَالْعَسَلُ قَدْ يَكُونُ مَالا فِي التَّأْوِيلِ، وَرُوِيَ أَنَّ رَجُلا سَأَلَ ابْنَ سِيرِينَ، فَقَالَ: رَأَيْت كَأَنِّي أَلْعَقُ عَسَلا مِنْ جَامٍ مِنْ جَوْهَرٍ.
فَقَالَ: اتَّقِ اللَّهَ، وَعَاوِدِ الْقُرْآنَ، فَإِنَّكَ قَرَأْتَ الْقُرْآنَ، ثُمَّ نَسِيتَهُ.
وَالْعُلُوُّ إِلَى السَّمَاءِ رِفْعَةٌ، لِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا} [مَرْيَم: 57]، وَمَنْ رَأَى أَنَّهُ قَدْ صَعِدَ السَّمَاءَ فَدَخَلَهَا، نَالَ شَرَفًا وَذِكْرًا، وَنَالَ الشَّهَادَةَ.
وَالطَّيَرَانَ فِي الْهَوَاءِ عَرْضًا: سَفَرٌ وَنَيْلُ شَرَفٍ، فَإِنْ طَارَ مُصْعَدًا، أَصَابَهُ ضُرٌّ عَاجِلٌ، فَإِنْ بَلَغَ السَّمَاءَ كَذَلِكَ يَبْلُغُ غَايَةَ الضُّرِّ، فَإِنْ تَغَيَّبَ فِي السَّمَاءِ وَلَمْ يَرْجِعْ، مَاتَ، فَإِنْ رَجَعَ نَجَا بَعْدَمَا أَشْرَفَ عَلَى الْمَوْتِ.
وَالْحَبْلُ: الْعَهْدُ وَالأَمَانُ، لِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ} [آل عمرَان: 103]، وَقَالَ: {إِلا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ} [آل عمرَان: 112]، أَيْ: أَمَانٍ.
وَاعْلَمْ أَنَّ تَأْوِيلَ الرُّؤْيَا ينْقَسِمُ أَقْسَامًا، فَقَدْ يَكُونُ بِدَلالَةٍ مِنْ جِهَةِ الْكِتَابِ، أَوْ مِنْ جِهَةِ السُّنَّةِ، أَوْ مِنَ الأَمْثَالِ السَّائِرَةِ بَيْنَ النَّاسِ، وَقَدْ يَقَعُ التَّأْوِيلُ عَلَى الأَسْمَاءِ وَالْمَعَانِي، وَقَدْ يَقَعُ عَلَى الضِّدِّ وَالْقَلْبِ.
فَالتَّأْوِيلُ بِدَلالَةِ الْقُرْآنِ، كَالْحَبْلِ يُعَبَّرُ بِالْعَهْدِ، لِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ} [آل عمرَان: 103].
وَالسَّفِينَةُ تُعَبِّرُ بِالنَّجَاةِ، لِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ} [العنكبوت: 15].
وَالْخَشَبُ يُعَبَّرُ