إِذَا اسْتَقْصَيْتُ فِيهَا، وَيُرْوَى: «أَنْهِكُوا الشَّوَارِبَ»، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُحْفِي شَارِبَهُ حَتَّى يَنْظُرَ إِلَى بَيَاضِ الْجِلْدِ، وَيَأْخُذُ هَذَيْنِ، يَعْنِي بَيْنَ الشَّارِبِ وَاللِّحْيَةِ.
وَقَالَ مَالِكٌ: حَلْقُ الشَّارِبِ بِدْعَةٌ ظَهَرَتْ فِي النَّاسِ.
وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ: تَوْفِيرُهَا، مِنْ قَوْلِكَ: عَفَا النَّبْتُ: إِذَا طَالَ، يَعْفُو عَفْوًا، وَيُقَالُ: عَفَا الشَّيْءُ، بِمَعْنَى: كَثُرَ، وَأَعْفَيْتُ أَنَا، قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {حَتَّى عَفَوْا} [الْأَعْرَاف: 95] أَيْ كَثُرُوا، وَيُقَالُ فِي غَيْرِ هَذَا: عَفَا الشَّيْءُ: إِذَا دَرَسَ وَانْمَحَى، وَهُوَ مِنَ الأَضْدَادِ، وَعَفَا إِذَا أَتَى الرَّجُلُ يَطْلُبُ حَاجَةً، وَمِنْهُ الْعَافِيَةُ، وَهِيَ كُلُّ طَالِبِ رِزْقٍ مِنْ إِنْسَانٍ، أَوْ دَابَّةٍ، أَوْ طَائِرٍ، أَوْ غَيْرِهَا.
وَرُوِيَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مِنْ لَمْ يَأْخُذْ مِنْ شَارِبِهِ، فَلَيْسَ مِنَّا».
وَرَوَى عُمَرُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْخُذُ مِنْ لِحْيَتِهِ مِنْ عَرْضِهَا وَطُولِهَا».
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: عُمَرُ بْنُ هَارُونَ مُقَارِبُ الْحَدِيثِ لَا أَعْرِفُ لَهُ حَدِيثًا لَا أَصْلَ لَهُ، أَوْ قَالَ: يَنْفَرِدُ بِهِ إِلا هَذَا الْحَدِيثِ.
وَرُوِي عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يَقْبِضُ عَلَى لِحْيَتِهِ، ثُمَّ يَأْخُذُ مَا جَاوَزَ