إِلَّا من هَذِه الْخَمْسَة، بل كُل مَا كَانَ فِي مَعْنَاهَا من ذُرة، وسُلتٍ، وعُصارة شجر، فَحكمه حكمهَا، وتخصيصها بِالذكر، لكَونهَا معهودة فِي ذلِك الزّمان.

وقدْ رُوِي عنْ أبِي هُريْرة، قَالَ: قَالَ رسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الخمْرُ مِنْ هاتيْنِ الشّجرتيْنِ: النّخْلةِ، والعِنبةِ "، وَهَذَا لَا يُخَالف حَدِيث النُّعْمَان بْن بشير، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ: أَن مُعظم الْخمر يكُون مِنْهُمَا، وهُو الْأَغْلَب على عادات النّاس فِيمَا يتخذونه من الْخُمُور.

وفِي قوْله: «مَا أسْكر كثِيرُهُ، فقلِيلُهُ حرامٌ»، دلِيل على أَن التَّحْرِيم فِي جنس الْمُسكر لَا يتَوَقَّف على السُّكر، بل الشّربة الأولى مِنْهُ فِي التَّحْرِيم وَلُزُوم الحدِّ فِي حكم الشّربة الْآخِرَة الّتِي يحصل بِها السكر، لِأَن جمِيع أَجْزَائِهِ فِي المعاونة على السكر سواءٌ، كالزعفران لَا يصْبغ القليلُ مِنْهُ حتّى يُمدّ بِجُزْء بعد جُزْء، فإِذا كثر وَظهر لَونه، كَانَ الصِّبغُ مُضَافا إِلى جمِيع أَجْزَائِهِ لَا إِلى آخر جُزْء مِنْهُ، وَهَذَا قوْل عَامَّة أهل الْحدِيث، وقالُوا: لَو حلف أَلا يشرب الْخمر، فَشرب شرابًا مُسكرًا، يَحْنَث.

قَالَ السَّائِب بْن يزِيد: إِن عُمر، قَالَ: إِنِّي وجدت مِنْ فُلان رِيح شرابٍ، وَزعم أنّهُ شرِب الطِّلاء، وَأَنا سائِلٌ عمّا شرِب، فإِنْ كَانَ يُسْكِرُ جلدْتُهُ، فجلدهُ الحدّ تامًّا.

وَقَالَ علِي: لَا أُوتي بأحدٍ شرب خمرًا وَلَا نبيذًا مُسكرا إِلَّا جلدته الحدّ.

وَقَالَ ابْن عُمر: كُل مُسكر خمر، وَهَذَا قوْل مالِك، والشّافِعِي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015