بِهذا الإزمانِ، ثُمّ إِن صيّرتْهُ الْجراحَة إِلى حَالَة الْمَذْبُوح، فَمَاتَ مِنْهَا، فهُو حَلَال، وَإِن لمْ يُصيِّرهُ إِلى حَالَة الْمَذْبُوح، فَلَا يحلُّ إِلَّا بِقطع المذبح إِذا وصل إليْهِ وهُو حيُّ، وَلَو سَار إليْهِ، فَقبل أَن وصل إليْهِ، مَاتَ من جرحه، أوْ وصل إليْهِ حَيا وتهيأ لذبحه، ففارقه الرّوح قبل أَن ذبحه، فهُو حلالٌ.
وَلَو توانى فِي ذبحه، أوِ اشْتغل بِطَلَب آله الذّبْح، أوْ بتحديد السكين، أوْ تعلق سكينه بغمد، فَمَاتَ، فَحَرَام.
وفِي الْحدِيث بَيَان أَن كلّ محددٍ يجرح يحصل بِهِ الذّبْح، سَوَاء كَانَ حديدًا أوْ قصبًا، أوْ خشبًا، أوْ زجاجًا، أوْ حجرا سوي السن وَالظفر.
ورُوِي عنْ كَعْب بْن مالِك، أنّهُ كَانَت لهُمْ غنم ترعى بسلع فَأَبْصَرت جَارِيَة بِشَاة موتا، فَكسرت حجرا، فذبحتها بِهِ، فَسَأَلَ النّبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عنْ ذلِك، «فأمرهُ بأكْلِها».
وقوْله: «ليْس السِّنّ والظّفْر»، بِمَعْنى الِاسْتِثْنَاء، وَإِعْرَابه النصب.
قَالَ رحِمهُ اللهُ: أما السنُّ وَالظفر، فَلَا يَقع بِها الذَّكَاة، وفِي تَعْلِيله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السِنّ بِأَنَّهُ عظمٌ دلِيل على أَن الْقَوْم كَانَ متقررًا عِنْدهم أَن الذَّكَاة لَا تحصُل بِشَيْء من الْعِظَام، وهُو قوْل أكْثر أهْل الْعِلْمِ، سَوَاء كَانَ الْعظم والسنُّ بائنين عنِ الإِنْسان، أوْ غيْر بائنين، وإِليْهِ ذهب الشّافِعِي وَذهب بعْض أصْحابه إِلى أَن الذّبْح يحصلُ بِعظم مَا يُؤْكَل لَحْمه، وَعَامة أصْحابه، على خِلَافه.
وَقَالَ مالِك: إِن ذُكِّي بالعظم، فمرّ مرا، أَجزَأَهُ،