الْكَلْب يعلّم بترك الطُّعم، والبازي يعلّم بالطُّعم، فَأَكله لَا يحرِّم الصَّيْد.

فَمن ذهب إِلى تَحْلِيله متمسكًا بِحَدِيث أبِي ثَعْلَبَة، حمل النَّهْي فِي حَدِيث عدي بْن حَاتِم على معنى التَّنْزِيه دُون التَّحْرِيم، وَمن ذهب إِلى تَحْرِيمه.

فَأول قوْله فِي حَدِيث أبِي ثَعْلَبَة: «فكُل وَإِن أكل»، يعْنِي: وَإِن أكل أكل فِيمَا مضى من الزّمان إِذا لمْ يَأْكُل فِي الْحَال.

واخْتلف الْقَائِلُونَ بِتَحْرِيمِهِ فِي الصيود الّتِي اصطادها من قبل مِمَّا لمْ يَأْكُل مِنْهَا أنّها هَل تحرم؟ فَمنهمْ من ذهب إِلى أنّهُ إِذا أكل من صيد مرّة يحرم بِهِ كُل صيد اصطاده من قبل، وَمِنْهُم من لمْ يحرِّم إِلَّا مَا أكل مِنْهُ، فَأَما إِذا شرب الدَّم، فَلَا يحرم، قَالَ عَطاء، وَالْأَكْثَرُونَ.

وقوْله: «إِذا خالط كلابًا لمْ يذكر اسْم الله عليْها وقتلن، فَلَا تَأْكُل»، دلِيل على أَن الْكَلْب إِذا خرج بِنَفسِهِ من غيْر إرْسَال صَاحب فَقتل أنّهُ لَا يحلُّ.

وفِيهِ دلِيلٌ على أنّهُ إِذا اشْترك فِي الذّبْح من تحِلُّ ذَبِيحَته، وَمن لَا تحِل ذَبِيحَته، مثل أَن أشترك مُسْلِم ومجوسي أوْ مُرْتَد فِي ذبح شَاة، أوْ أرسل مُسْلِم ومجوسي كَلْبا، أوْ سَهْما، على صيد، فَأَصَابَهُ وَقَتله، أنّهُ يكُون حَرَامًا، وَإِن أرسل كلُّ وَاحِد سَهْما، أوْ كَلْبا، فَأَصَابَهُ مَعًا فَحَرَام، إِلَّا أَن تصيب جارحةُ الْمُسلم المذبح، وجارحةُ الْمَجُوسِيّ غير المذبح، فَيكون حَلَالا، لِأَن الذّبْح قدْ حصل بجارحة الْمُسلم، فَلَا يُؤثر فعل الْمَجُوسِيّ فِي تَحْرِيمه، ويحلُّ مَا اصطاده الْمُسلم بكلب الْمَجُوسِيّ، وَلَا يحل مَا اصطاده الْمَجُوسِيّ بِكُل الْمُسلم إِلَّا أَن يُدْرِكهُ المسلمُ حيًّا، فيذبحه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015