وفِي رِوَايَة «لَئِن عشتُ إِن شَاءَ الله، لأُخْرِجنّ اليهُود والنّصارى مِنْ جَزِيرَة الْعَرَب».
قَالَ رحِمهُ اللهُ: جملَة بِلَاد الإسْلام فِي حق الْكفَّار على ثَلَاثَة أَقسَام: أَحدهَا: الْحرم، فَلَا يجوز لكَافِر أَن يدخلهَا بِحَال، سَوَاء كَانَ ذِمِّيا، أوْ لمْ يكن، لقَوْله سُبْحانهُ وَتَعَالَى: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} [التَّوْبَة: 28]، وَالْمرَاد بِالْمَسْجِدِ الْحرام: الْحرم، كَمَا قَالَ الله سُبْحانهُ وَتَعَالَى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [الْإِسْرَاء: 1]، وَإِنَّمَا أُسرِي بِهِ من بيْت أُمِّ هَانِئ، وإِذا جَاءَ رسولٌ من دَار الْكفْر إِلى الإِمام، وَالْإِمَام فِي الْحرم، فَلَا يجوز أَن يَأْذَن للرسول فِي دُخُوله، بل يخرج إليْهِ الإمامُ، أوْ يبعثُ من يسمع رسَالَته.
وَالْقسم الثَّانِي من بِلَاد الإسْلام: الْحجاز، فَيجوز للْكَافِرِ دُخُولهَا بِالْإِذْنِ، وَلَكِن لَا يُقيم بِها أكْثر من مُقام السّفر، وهُو ثَلَاثَة أيّام، فإِن عُمر رضِي اللهُ عنْهُ لما أجلاهم أجّل لمن يقدمُ مِنْهُم تَاجِرًا ثَلَاثًا، فإِن مرض فَهِيَ واحدٌ مِنْهُم، جَازَ أَن يمرّض فِيها، وَإِن مَاتَ يدْفن فِيها، وَلَا يجوز التمريضُ وَلَا الدّفن فِي الْحرم.
وَالْقسم الثَّالِث: سَائِر بِلَاد الإسْلام يجوم للْإِمَام عقد الذِّمَّة مَعَ أهل الْكتاب ليقيموا فِيها وَيجوز لأهل الْحَرْب دُخُولهَا بالأمان، وَالْإِقَامَة فِيها إِلى انْقِضَاء مُدَّة الْأمان، وَلَا يدْخلُونَ الْمَسَاجِد إِلَّا بِإِذن مسلمٍ، واللهُ أعْلمُ.
2757 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ،