قِبْلَتَانِ فِي أَرْضٍ وَاحِدَةٍ، وَلَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ جِزْيَةٌ» قَالَ أَبُو عِيسَى: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، نَا جَرِيرٌ، عَنْ قَابُوسَ، بِهَذَا الإِسْنَادِ نَحْوَهُ

قوْله «ليْس على المُسْلِمِ جِزْيَةٌ»، يتَأَوَّل على وَجْهَيْن، أَحدهمَا: معنى الْجِزْيَة هُو الْخراج، وذلِك أَن الإِمام إِذا فتح بَلَدا صلحا على أَن تكون الْأَرَاضِي لأَهْلهَا، وَضرب عليْها خراجًا مَعْلُوما، فهُو جِزْيَة، فإِذا أسلم أَهلهَا، سقط عنْهُمْ ذلِك، كَمَا تسْقط جِزْيَة رُءُوسهم، وَيجوز لهُمْ بيعُ تِلْك الْأَرَاضِي، أما إِذا صَالحهمْ على أَن تكون الْأَرَاضِي لأهل الإسْلام، وهُو يسكنونها بخراج مَعْلُوم، وضع عَلَيْهِم، فَذَلِك أُجْرَة الأرْض لَا تسْقط بِالْإِسْلَامِ، وَلَا يجوز لهُمْ بيعُ شيْء من تِلْك الْأَرَاضِي، لِأَنَّهَا مُلك للمُسْلِمين، وكذلِك إِذا أَرَادَ فتحهَا عنْوَة، وَصَارَت أراضيها للْمُسلمين، فأسكنها المُسْلِمُون جمَاعَة من أهل الذِّمَّة بخراج مَعْلُوم يؤدونه، فَذَلِك لَا يسْقط بِالْإِسْلَامِ.

والتأول الثَّانِي: وهُو أَن الذِّمِّيّ إِذا تمّ عليْهِ الحولُ، فَأسلم قبل أَدَاء جِزْيَة ذلِك الْحول، سقط عَنهُ تِلْك الْجِزْيَة، واخْتلف أهْلُ الْعِلْمِ فِيهِ، فَذهب أَكْثَرهم إِلى سُقُوطهَا، رُوِي ذلِك عنْ عُمر، وإِليْهِ ذهب أبُو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015