بعد انْقِضَاء الْمدَّة كالمشروط مَعَ الْمدَّة المضروبة فِي أَن لَا يغزوهم فِيها، فإِذا صَار إِلَيْهِم فِي أيّام الْهُدْنَة، كَانَ إِيقَاعه قبل الْوَقْت الّذِي يتوقعونه، فعدّ ذلِك عمْرو غدرًا، واللهُ أعْلمُ.
وَإِن نقض أهل الْهُدْنَة عَهدهم، لهُ أَن يسير إِلَيْهِم على غَفلَة مِنْهُم، كَمَا فعل النّبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَهْل مكّة، وَإِن ظَهرت مِنْهُم خِيَانَة بِأَهْل الإسْلام نبذ إِلَيْهِم الْعَهْد، قَالَ الله سُبْحانهُ وَتَعَالَى: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ} [الْأَنْفَال: 58]، وَمن دخل إِلَيْنَا رَسُولا، فَلهُ الْأمان حتّى يُؤَدِّي الرسَالَة، ويرجِع إِلى مأمنه، قَالَ النّبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِابْنِ النواحة: «لوْلا أنّك رسُولٌ، لضربْتُ عُنُقك».
قَالَ الله سُبْحانهُ وَتَعَالَى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التَّوْبَة: 29]، قوْلُهُ