هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ
قوْله: المُجنّبةِ اليُمْنى، قِيل: هِي الميمنة، والمجنبة الْيُسْرَى: هِي الميسرة، وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: أرْسلُوا مجنبتين، أيْ: كتيبتين أخذتا ناحيتي الطَّرِيق.
قَالَ الإِمامُ: اخْتلف أهْلُ الْعِلْمِ فِي فتح مكّة أنّهُ كَانَ صلحا، أما عنْوَة؟ فَذهب الأوْزاعِي، وأصْحاب الرّأْيِ، وَأَبُو عُبيْد، إِلى أنّها فتحت عنْوَة، لقَوْل النّبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للْأَنْصَار: «انْظُرُوا إِذا لقِيتُمُوهُمْ غَدا أنْ تحْصُدُوهُمْ حصْدًا».
وَذهب قومٌ إِلى أنّها فتحت صلحا، وإِليْهِ ذهب الشّافِعِي، لِأَن النّبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بذل لهُم الْأمان بقوله: «منْ ألْقى السِّلاح فهُو آمِنٌ، ومنْ أغْلق بابُهُ، فهُو آمِنٌ»، وَجُمْلَة الْأَمر فِي فتح مكّة أنّهُ لمْ يكن أمرا منبرمًا فِي أول مَا بذل لهُم الْأمان، وَلكنه كَانَ أمرا مترددًا بيْن أَن يقبلُوا الْأمان، ويمضوا على الصُّلْح، وَبَين أَن يردوا الْأمان، ويحاربوا، فَأخذ النّبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُهبة الْقِتَال، وَدخل مكّة على رَأسه المغفر، إِذْ لمْ يكن من أَمرهم على يَقِين، وَلَا من وفائهم على ثِقَة، إِلى أَن ظهر من أَمرهم قبُول الْأمان، والثبات على الصُّلْح، فالالتباس فِي أمرهَا إِنّما كَانَ من أجل التَّرَدُّد فِي الِابْتِدَاء.
واخْتلف أهْلُ الْعِلْمِ فِي بيع رباع مكّة، ومِلكها، وكِراء بيوتها، فَذهب جمَاعَة إِلى أنّها مَمْلُوكَة لأربابها يجوز بيعُها وكراؤُها، رُوِي أَن عُمر ابْتَاعَ دَارا للسجن بأَرْبعَة آلَاف، وهُو قوْل طَاوس، وَعَمْرو