وَذهب إِلى مَا ذكرْنا من التَّخْيِير بْن الْقَتْل، والمنِّ، وَالْفِدَاء، والاسترقاق، أكثرُ أهْل الْعِلْمِ من أصْحاب النّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأهل الْعلم بعدهمْ، وهُو قوْل الشّافِعِي، والثّوْرِي، وأحْمد، وَإِسْحَاق، وَذهب قوْمٌ إِلى أنّهُ لَا يجوز الْفِدَاء والمنُّ، وهُو قوْل الأوْزاعِي، وأصْحاب الرَّأْي، حُكي عنِ الأوْزاعِي، قَالَ: بَلغنِي أَن هَذِه الْآيَة مَنْسُوخَة قوْله: {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} [مُحَمَّد: 4]، نسخهَا قوْله سُبْحانهُ وَتَعَالَى: {وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ} [الْبَقَرَة: 191].
وَذهب قوْمٌ إِلى أَن المنّ كَانَ خَاصّا للنَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دُون غَيره، وَهَذَا لَا يَصح، لِأَن قوْله عزّ وجلّ: {فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ} [مُحَمَّد: 4]، عَام وخطابٌ لجَمِيع الْأمة لَا تَخْصِيص فِيهِ، وحُكِي عنْ مالِك أنّهُ جوّز المفاداة بِالرِّجَالِ، ولمْ يجوِّز بِالْمَالِ
قَالَ الله سُبْحانهُ وَتَعَالَى: {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا} [مُحَمَّد: 4]، أيْ: سِلاحها، وأصْلُ الوِزْرِ: مَا يحْمِلُهُ الإنسانُ، وسُمِّي السِّلاحُ أوْزارًا، لأنّهُ