وَلَوْ خَتَنَ السُّلْطَانُ إِنْسَانًا بَالِغًا دُونَ إِذْنِهِ، فَمَاتَ، لَمْ يَضْمَنْ، لأَنَّهُ وَاجِبٌ، إِلا أَنْ يَفْعَلَ فِي حَرٍّ وَبَرْدٍ شَدِيدٍ، فَيَضْمَنُ.
وَلَوْ قَطَعَ يَدَ إِنْسَانٍ، فَاسْتَوْفَى الْقِصَاصَ، فَمَاتَ الْمُقْتَصُّ مِنْهُ بِالسراية، لَا شَيْءَ عَلَى الْمُسْتَوْفِي، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَيْهِ كَمَالُ الدِّيَةِ، وَهُوَ قَوْلُ حَمَّادٍ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: عَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَهُوَ قَوْلُ إِبْرَاهِيمَ، وَالْحَكَمِ، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ السَّارِقَ إِذَا قُطِعَتْ يَدُهُ، فَمَاتَ، لَا ضَمَانَ عَلَى أَحَدٍ.
وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى إِنْسَانٍ بِقِصَاصٍ طَرَفًا، أَوْ نَفْسًا، فَاسْتَوْفَى، أَوْ بِحَدٍّ فَأُقِيمَ، فَمَاتَ فِيهِ، ثُمَّ رَجَعَ الشَّاهِدَانِ، فَإِنْ قَالا: تَعَمَّدْنَا، فَعَلَيْهِمَا الْقِصَاصُ، وَإِنْ قَالا: أَخْطَأْنَا، فَالدِّيَةُ، وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: لَا قَوَدَ عَلَى الشُّهُودِ إِذَا رَجَعُوا، بَلْ عَلَيْهِمُ الدِّيَةُ، وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ.
وَلَوْ شَهِدَا بِطَلاقٍ، فَقُضِيَ بِهِ، أَوْ بِعِتْقٍ، ثُمَّ رَجَعَا يَجِبُ عَلَيْهِمَا مَهْرُ الْمِثْلِ لِلزَّوْجِ، وَقِيمَةُ الْعَبْدِ لِلْمَالِكِ بِالاتِّفَاقِ، وَلا يُرَدُّ الطَّلاقُ وَلا الْعِتْقُ.
وَلَوْ شَهِدَا بِمَالٍ، فَاسْتُوفِيَ، ثُمَّ رَجَعَا، فَاخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَيْهِمْ، فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى الشُّهُودِ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَكَمِ، وَأَظْهَرُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ، لأَنَّ التَّفْوِيتَ لَمْ يَتَحَقَّقْ بِخِلافِ الطَّلاقِ وَالْعِتْقِ، بِدَلِيلِ أَنَّ بِتَكْذِيبِ الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ لَا يُرَدُّ الطَّلاقُ وَالْعِتْقُ، وَقَالَ قَوْمٌ: يَضْمَنُ الشُّهُودُ الْقِيمَةَ كَمَا فِي الْعِتْقِ، وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَبِهِ قَالَ حَمَّادٌ.