وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي حَدِّ شَارِبِ الْخَمْرِ، فَرَوَى ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَزْهَرَ، قَالَ: أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَارِبٍ، قَالَ: «اضْرِبُوهُ»، فَضَرَبُوهُ بِالأَيْدِي، وَالنِّعَالِ، وَأَطْرَافِ الثِّيَابِ، وَحَثَوْا عَلَيْهِ التُّرَابَ، ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَكِّتُوهُ» فَبَكَّتُوهُ، ثُمَّ أَرْسَلَهُ، قَالَ: فَلَمَّا كَانَ أَبُو بَكْرٍ سَأَلَ مَنْ حَضَرَ ذَلِكَ الْمَضْرُوبَ، فَقَوَّمَهُ أَرْبَعِينَ، فَضَرَبَ أَبُو بَكْرٍ فِي الْخَمْرِ أَرْبَعِينَ جَلْدَةً، ثُمَّ عُمَرُ حَتَّى تَتَايَعَ النَّاسُ فِي الْخَمْرِ، فَاسْتَشَارَ، فَضَرَبَ ثَمَانِينَ.
قَوْلُهُ: «بَكِّتُوهُ»، التَّبْكِيتُ يَكُونُ تَقْرِيعًا بِاللِّسَانِ، يُقَالُ لَهُ: يَا فَاسِقُ أَمَا اسْتَحْيَيْتَ، أَمَا اتَّقَيْتَ، وَيَكُونُ بِالْيَدِ، وَالْعَصَا، وَنَحْوِهِ، وَالتَّتَايُعُ: التَّهَافُتُ، يُقَالُ: فُلانٌ يَتَتَايَعُ، أَيْ: يَرْمِي بِنَفْسِهِ فِي الأَمْرِ سَرِيعًا.
وَرَوَى مَالِكٌ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ الدِّيلِيِّ، " أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ اسْتَشَارَ فِي الْخَمْرِ يَشْرَبُهَا الرَّجُلُ، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: أَرَى أَنْ يُجْلَدَ ثَمَانِينَ، فَإِنَّهُ إِذَا شَرِبَ سَكِرَ، وَإِذَا سَكِرَ هَذَى، وَإِذَا هَذَى افْتَرَى، أَوْ كَمَا قَالَ، فَجَلَدَ عُمَرُ فِي الْخَمْرِ ثَمَانِينَ ".