اللَّيْثِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ
الثَّمَرُ: الرُّطَبُ مَا دَامَ فِي رَأْسِ النَّخْلَةِ، فَإِنْ صُرِمَ، فَهُوَ الرُّطَبُ، وَالْكَثَرُ: جُمَّارُ النَّخْلِ.
وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى ظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ، فَلَمْ يُوجِبِ الْقَطْعَ فِي سَرِقَةِ شَيْءٍ مِنَ الْفَوَاكِهِ الرَّطْبَةِ، سَوَاءٌ كَانَتْ مُحَرَّزَة أَوْ غَيْرَ مُحَرَّزَةٍ، وَقَاسَ عَلَيْهِ اللُّحُومَ، وَالأَلْبَانَ، وَالأَشْرِبَةَ، وَالْجُبُونَ.
وَأَوْجَبَ الآخَرُونَ الْقَطْعَ فِي جَمِيعِهَا إِذَا كَانَتْ مُحَرَّزَةً، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَتَأَوَّلَ الشَّافِعِيُّ الْحَدِيثَ عَلَى الثِّمَارِ الْمُعَلَّقَةِ غَيْرَ الْمُحَرَّزَةِ، وَقَالَ: نَخِيلُ الْمَدِينَةِ لَا حَوَائِطَ لأَكْثَرِهَا، فَلا تَكُونُ مُحَرَّزَةً، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ مَا رُوِيَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الثَّمَرِ الْمُعَلَّقِ، قَالَ: «مَنْ سَرَقَ مِنْهُ شَيْئًا بَعْدَ أَنْ يُئْوِيَهُ الْجَرِينُ، فَبَلَغَ ثَمَنَ الْمِجَنِّ، فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ»، فَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَا كَانَ مِنْهَا مُحَرَّزًا يَجِبُ الْقَطْعُ بِسَرِقَتِهِ.
وَرُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: «لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ مُعَلَّقٍ، وَلا فِي حَرِيسَةِ جَبَلٍ، فَإِذَا آوَاهُ الْمَرَاحُ، أَوِ الْجَرِينُ، فَالْقَطْعُ فِيمَا بَلَغَ ثَمَنَ الْمِجَنِّ»، وَأَرَادَ بِحَرِيسَةِ الْجَبَلِ: الشَّاةَ الْمَسْرُوقَةَ مِنَ الْمَرْعَى،