قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ: الْمَذْهَبُ الأَوَّلُ فِي رَدِّ الْقِيمَةِ إِلَى رُبْعِ دِينَارٍ أَصَحُّ، وَذَلِكَ أَنَّ أَصْلَ النَّقْدِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ الدَّنَانِيرُ، فَجَازَ أَنْ يُقَوَّمَ بِهَا الدَّرَاهِمُ، وَلِهَذَا كُتِبَتْ فِي الصُّكُوكِ قَدِيمًا عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَزْنُ سَبْعَةٍ، فَعُرِفَتِ الدَّرَاهِمُ بِالدَّنَانِيرِ، وَحُصِرَتْ بِهَا.
وَأَمَّا تَقْوِيمُ الْمِجَنِّ بِالدَّرَاهِمِ، فَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ أَجْلِ أَنَّ الشَّيْءَ التَّافِهَ قَدْ جَرَتِ الْعَادَةُ بِتَقْوِيمِهِ بِالدَّرَاهِمِ، وَإِنَّمَا تُقَوَّمُ الأَشْيَاءُ النَّفِيسَةُ بِالدَّنَانِيرِ، لأَنَّهَا أَنْفَسُ النُّقُودِ، فَتَكُونُ هَذِهِ الدَّرَاهِمُ الثَّلاثَةُ الَّتِي هِيَ ثَمَنُ الْمِجَنِّ يَبْلُغُ قِيمَتُهَا رُبْعُ دِينَارٍ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ أَنَّهُ قَطَعَ سَارِقًا فِي أُتْرُجَّةٍ قُوِّمَتْ ثَلاثَةَ دَرَاهِمَ مِنْ صَرْفِ اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا بِدِينَارٍ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالذَّهَبِ، وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ رُدَّتْ قِيمَةُ الدَّرَاهِمِ إِلَيْهِ بَعْدَ مَا قُوِّمَتِ الأُتْرُجَّةُ بِالدَّرَاهِمِ.
وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ فِي أَقَلَّ مِنْ دِينَارٍ، أَوْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ، يُرْوَى ذَلِكَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ.
وَقَالَ قَوْمٌ: لَا يُقْطَعُ إِلا فِي خَمْسَةِ دَرَاهِمَ، يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَابْنُ شُبْرُمَةَ.
2597 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، أَنا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، نَا أَبِي، نَا الأَعْمَشُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَعَنَ اللَّهُ السَّارِقَ يَسْرِقُ الْبَيْضَةَ، فَتُقْطَعُ يَدُهُ، وَيَسْرِقُ الْحَبْلَ، فَتُقْطَعُ يَدُهُ».