يَمُوتَ مَصْلُوبًا، وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، وَقِيلَ: يُصْلَبُ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ حَيًّا، ثُمَّ يُنْزَلُ، فَيُقْتَلُ.
فَإِنْ قُلْنَا: يُقْتَلُ ثُمَّ يُصْلَبُ فَيُتْرَكُ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ، ثُمَّ يُنْزَلُ، فَيُغَسَّلُ، وَيُصَلَّى عَلَيْهِ، إِلا أَنْ يُخْشَى فَسَادُهُ قَبْلَ الثَّلاثِ، وَيَتَأَذَّى بِهِ الأَحْيَاءُ، فَيُنْزَلُ قَبْلَهُ.
وَقِيلَ: يُتْرَكُ عَلَيْهِ حَتَّى يَتَفَتَّتَ، إِنْ لَمْ يَتَأَذَّ بِهِ النَّاسُ، فَعَلَى هَذَا يُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ أَوَّلًا، ثُمَّ يُصْلَبُ.
وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ الإِمَامَ بِالْخِيَارِ فِي أَمْرِ الْمُحَارَبِينَ بَيْنَ الْقَتْلِ، وَالصَّلْبِ، وَالنَّفْيِ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ الْحَسَنِ، وَمُجَاهِدٍ، وَعَطَاءٍ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مَالِكٌ.
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّفْسِيرِ فِيمَنْ نَزَلَ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [الْمَائِدَة: 33]، فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي الْكُفَّارِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: نَزَلَتْ فِي الرَّهْطِ الْعُرْنِيِّينَ، وَقَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ: إِنَّهَا نَزَلَتْ فِي أَهْلِ الإِسْلامِ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ} [الْمَائِدَة: 34] وَالإِسْلامُ يَحْقِنُ الدَّمَ، سَوَاءٌ أَسْلَمَ قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ أَوْ بَعْدَهَا.
وَإِذَا تَابَ قَاطِعُ الطَّرِيقِ قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ، فَيَسْقُطُ مِنَ الْعُقُوبَةِ مَا يَخْتَصُّ بِقَطْعِ الطَّرِيقِ، فَإِذَا كَانَ قَدْ قَتَلَ، يَسْقُطُ تَحَتُّمُ الْقَتْلِ، وَيَبْقَى عَلَيْهِ الْقِصَاصُ، فَالْوَلِيُّ فِيهِ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ اسْتَوْفَاهُ، وَإِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ قَدْ أَخَذَ الْمَالَ، سَقَطَ عَنْهُ قَطْعُ الْيَدِ وَالرِّجْلِ، وَقِيلَ فِي سُقُوطِ