قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَلَوْ رَمَى مُسْلِمٌ سَهْمًا فِي دَارِ الْحَرْبِ إِلَى صَفِّ الْعَدُوِّ، وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ فِي الصَّفِ مُسْلِمًا، فَأَصَابَ مُسْلِمًا، سَوَاءٌ عَيَّنَهُ، أَوْ لَمْ يُعَيِّنْهُ، فَلا قَوَدَ عَلَى الرَّامِي، وَلا دِيَةَ، وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، وَكَذَلِكَ لَوْ رَأَى رَجُلا فِي دَارِ الْحَرْبِ بِزِيِّ أَهْلِ الْكُفْرِ، فَقَتَلَهُ، فَبَانَ مُسْلِمًا، قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [النِّسَاء: 92] وَلَمْ يَذْكُرِ الدِّيَةَ، أَمَّا إِذَا عَلِمَ أَنَّ فِي الصَّفِّ مُسْلِمًا، وَلَمْ يَعْرِفْ مَكَانَهُ، فَعَيَّنَ شَخْصًا، فَرَمَى إِلَيْهِ، فَبَانَ مُسْلِمًا، أَوْ عَلِمَ مَكَانَ الْمُسْلِمِ، فَرَمَى إِلَى غَيْرِهِ غَيْرَ مُضْطَرٍّ إِلَيْهِ، فَأَصَابَ الْمُسْلِمَ، فَفِيهِ الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَالْكَفَّارَةُ فِي مَالِهِ وَلا قَوَدَ.
وَرُوِيَ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً إِلَى خَثْعَمٍ، فَاعْتَصَمَ نَاسٌ مِنْهُمْ بِالسُّجُودِ، فَأَسْرَعَ فِيهِمُ الْقَتْلِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَرَ لَهُمْ بِنِصْفِ الْعَقْلِ، وَقَالَ: «أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ مُقِيمٍ بَيْنَ أَظْهُرِ الْمُشْرِكِينَ»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ لِمَ؟ قَالَ: «لَا تَتَراءَى نَارَاهُمَا».