النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَسُئِلَ الزُّهْرِيُّ أَعْلَى مَنْ سَحَرَ مِنْ أَهْلِ الْعَهْدِ قَتْلٌ؟ قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَنَعَ بِهِ ذَلِكَ، فَلَمْ يَقْتُلْ مَنْ صَنَعَهُ، وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ.
وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يُقْتَلُ السَّاحِرُ إِنْ كَانَ مَا يُسْحِرُ بِهِ كُفْرًا إِنْ لَمْ يَتُبْ، فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ عَمَلُهُ الْكُفْرَ، فَلا يُقْتَلُ، وَتَعَلُّمُ السِّحْرِ لَا يَكُونُ كُفْرًا عِنْدَهُ إِلا أَنْ يَعْتَقِدَ قَلْبُ الأَعْيَانِ مِنْهُ، وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ تَعَلُّمَهُ كُفْرٌ، وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ.
وَلَوْ قَتَلَ السَّاحِرُ رَجُلا بِسِحْرِهِ وَأَقَرَّ أَنِّي سَحَرْتُهُ، وَسِحْرِي يَقْتُلُ غَالِبًا، فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْقَوَدُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ.
وَعِنْدَ أَصْحَابِ الرَّأْيِ: لَا يَجِبُ بِهِ الْقَوَدُ، وَلَوْ قَالَ: سِحْرِي قَدْ يَقْتُلُ، وَقَدْ لَا يَقْتُلُ، فَهُوَ شِبْهُ عَمْدٍ، وَإِنْ قَالَ: أَخْطَأْتُ إِلَيْهِ مِنْ غَيْرِهِ، فَهُوَ خَطَأٌ تَجِبُ بِهِ الدِّيَةُ مُخَفَّفَةً، وَتَكُونُ فِي مَالِهِ، لأَنَّهُ ثَبَتَ بِاعْتِرَافِهِ إِلا أَنْ تُصَدِّقَهُ الْعَاقِلَةُ، فَتَكُونُ عَلَيْهِمْ.
وَلَوْ قَاتَلَ أَهْلُ الإِسْلامِ أَهْلَ الرِّدَّةِ، فَلا يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ ضَمَانُ مَا أَتْلَفُوا عَلَى أَهْلِ الرِّدَّةِ مِنْ نَفْسٍ وَمَالٍ.
وَاخْتَلَفُوا فِي أَهْلِ الرِّدَّةِ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِمْ ضَمَانُ مَا أَتْلَفُوا عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي حَالِ الْقِتَالِ مِنْ نَفْسٍ