السَّهْمِيُّ بِأَرْضٍ لَيْسَ فِيهَا مُسْلِمٌ، فَلَمَّا قَدِمَا بِتَرِكَتِهِ، فَقَدُوا جَامَ فِضَّةٍ مُخَوَّصًا بِالذَّهَبِ، فَأَحْلَفَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ وَجَدُوا الْجَامَ بِمَكَّةَ، فَقَالُوا: اشْتَرَيْنَاهُ مِنْ تَمِيمٍ وَعَدِيٍّ، فَقَامَ رَجُلانِ مِنْ أَوْلِيَاءِ السَّهْمِيِّ، فَحَلَفَا: لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا، وَإِنَّ الْجَامَ لِصَاحِبِهِمْ، قَالَ: فَنَزَلَتْ فِيهِمْ: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ} [الْمَائِدَة: 106] الآيَةُ.

وَتَأَوَّلَ بَعْضُهُمُ الآيَةَ عَلَى الْوَصِيَّةِ دُونَ الشَّهَادَةِ، لأَنَّ تَمِيمًا الدَّارِيَّ، وَعَدِيَّ بْنَ بَدَّاءٍ كَانَا وَصِيَّيْنِ لَا شَاهِدَيْنِ بِدَلِيلِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَلَّفَهُمَا، وَالشُّهُودُ لَا يُحَلَّفُونَ، فَعَبَّرَ بِالشَّهَادَةِ عَنِ الأَمَانَةِ الَّتِي تَحَمَّلاهَا.

وَمَعْنَى قَوْلِهِ: {وَلا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ} [الْمَائِدَة: 106] أَيْ: أَمَانَةَ اللَّهِ.

قَالَ الإِمَامُ: وَالْحُرِّيَّةُ شَرْطُ قَبُولِ الشَّهَادَةِ، لأَنَّهَا مِنْ بَابِ الْوِلايَاتِ، وَالْعَبْدُ نَاقِصُ الْحَالِ، وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى قَبُولِ شَهَادَةِ الْعَبِيدِ، يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ أَنَسٍ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ شُرَيْحٌ، وَزُرَارَةُ بْنُ أَوْفَى، وَهُوَ قَوْلُ عُثْمَانَ الْبَتِّيِّ.

وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: شَهَادَتُهُ جَائِزَةٌ إِلا لِسَيِّدِهِ.

وَقَالَ الْحَسَنُ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ: تَجُوزُ شَهَادَةُ الْعَبِيدِ فِي الشَّيْءِ التَّافِهِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015