أَصْلُ الرِّتَاجِ: الْبَابُ، وَمَنْ ذَكَرَ هَذَا لَا يُرِيدُ بِهِ نَفْسَ الْبَابِ، إِنَّمَا يُرِيدُ بِهِ أَنْ يَكُونَ مَالُهُ هَدْيًا إِلَى الْكَعْبَةِ، فَيَضَعُهُ مِنْهَا حَيْثُ نَوَاهُ وَأَرَادَهُ
قَالَ الإِمَامُ: وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ إِذَا الْتَزَمَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْغَضَبِ، كَمَا رُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ أَخَوَيْنِ مِنَ الأَنْصَارِ كَانَ بَيْنَهُمَا مِيرَاثٌ، فَسَأَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ الْقِسْمَةَ، فَقَالَ: إِنْ عُدْتَ تَسْأَلُنِي الْقِسْمَةَ، فَكُلُّ مَالِي فِي رِتَاجِ الْكَعْبَةِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: إنَّ الْكَعْبَةَ غَنِيَّةٌ عَنْ مَالِكَ، كَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ، وَكَلِّمْ أَخَاكَ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «لَا يَمِينَ عَلَيْكَ، وَلا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةِ الرَّبِّ، وَلا فِي قَطِيعَةِ الرَّحِمِ، وَلا فِيمَا لَا تَمْلِكُ».
قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي النَّذْرِ إِذَا خَرَجَ مَخْرَجَ الْيَمِينِ مِثْلُ أَنْ قَالَ: إِنْ كَلَّمْتُ فُلانًا، فَلِلَّهِ عَلَيَّ عِتْقُ رَقَبَةٍ، أَوْ إِنْ دَخَلْتُ الدَّارَ، فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ أَوْ أُصَلِّيَ، فَهَذَا نَذْرٌ أَخْرَجَهُ مَخْرَجَ الْيَمِينِ، لأَنَّهُ قَصَدَ بِهِ مَنْعَ نَفْسِهِ عَنِ الْفِعْلِ، كَالْحَالِفِ يَقْصِدُ بِيَمِينِهِ مَنْعَ نَفْسِهِ عَنِ الْفِعْلِ، فَذَهَبَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ إِلَى أَنَّهُ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ الْفِعْلَ يَجِبُ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ كَمَا لَوْ حَنَثَ فِي يَمِينِهِ، وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ، وَعَائِشَةَ، وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ، وَطَاوُسٌ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ فِي أَصَحِّ أَقْوَالِهِ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقَ.