يَتَقَرَّبُونَ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَأْتُوكَ رِجَالا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ} [الْحَج: 27]، وَإِنْ تَجَاوَزَ إِلَى الْحَفَاءِ، فَحِينَئِذٍ يَنْقَلِبُ النَّذْرُ مَعْصِيَةً، لِمَا فِيهِ مِنَ الْخُرُوجِ إِلَى مَشَقَّةٍ تُتْعِبُ الْبَدَنَ، وَلا يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ.

وَرُوِيَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ امْرَأَةً، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي نَذَرْتُ أَنْ أَضْرِبَ عَلَى رَأْسِكَ بِالدُّفِّ.

قَالَ: «أَوْفِي بِنَذْرِكِ».

قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ: ضَرْبُ الدُّفِّ لَيْسَ مِمَّا يُعَدُّ فِي بَابِ الطَّاعَاتِ الَّتِي يَتَعَلَّقُ بِهَا النُّذُورُ، وَأَحْسَنُ حَالِهِ أَنْ يَكُونَ مِنْ بَابِ الْمُبَاحِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَمَّا اتَّصَلَ بِإِظْهَارِ الْفَرَحِ بِسَلامَةِ مَقْدِمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَدِمَ مِنْ بَعْضِ غَزَوَاتِهِ، وَكَانَتْ فِيهِ مَسَاءَةُ الْكُفَّارِ، وَإِرْغَامُ الْمُنَافِقِينَ، صَارَ فِعْلُهُ كَبَعْضِ الْقُرَبِ، وَلِهَذَا اسْتُحِبَّ ضَرْبُ الدُّفِّ فِي النِّكَاحِ لِمَا فِيهِ مِنْ إِظْهَارِهِ، وَالْخُرُوجِ بِهِ عَنْ مَعْنَى السِّفَاحِ الَّذِي لَا يَظْهَرُ، وَمِمَّا يُشْبِهُ هَذَا الْمَعْنَى قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هِجَاءِ الْكُفَّارِ: «اهْجُوا قُرَيْشًا فَإِنَّه أَشَدُّ عَلَيْها مِنْ رَشْقٍ بِالنَّبْلِ».

طور بواسطة نورين ميديا © 2015