عَنْ مَالِكٍ، وَأَخْرَجَهَ مُسْلِمٌ، عَنْ قُتَيْبَةَ، عَنِ اللَّيْثِ، عَنْ نَافِعٍ.
وَرَوَاهُ سَالِمٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَزَادَ عُمَرُ، قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا حَلَفْتُ بِهَا مُنْذُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْهَا ذَاكِرًا وَلا آثِرًا.
وَقَوْلُهُ: «ذَاكِرًا»، لَمْ يُرِدْ بِهِ الذِّكْرَ الَّذِي هُوَ ضِدُّ النِّسْيَانِ، بَلْ أَرَادَ بِهِ مُحَدِّثًا عَنْ نَفْسِي، مُتَكَلِّمًا بِهِ.
وَقَوْلُهُ: «وَلا آثِرًا» يُرِيدُ: مُخْبِرًا بِهِ، مِنْ قَوْلِكَ: أَثَرْتُ الْحَدِيث آثُرُهُ: إِذَا رَوَيْتَهُ، يَقُولُ: مَا حَلَفْتُ ذَاكِرًا عَنْ نَفْسِي، وَلا مُخْبِرًا عَنْ غَيْرِي.
قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ: الْيَمِينُ إِنَّمَا تَنْعَقِدُ بِاللَّهِ، أَوْ بِاسْمٍ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ، أَوْ بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِ ذَاتِهِ، وَالْيَمِينُ بِهِ أَنْ يَقُولَ: وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ، وَالَّذِي أَعْبُدُهُ.
وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ».
وَالْيَمِينُ بِأَسْمَائِهِ كَقَوْلِهِ: وَاللَّهِ، وَالرَّحْمَنِ، وَالرَّحِيمِ، وَالْخَالِقِ، وَالْبَارِئِ، وَالرَّزَّاقِ، وَالرَّبِّ، وَالسَّمِيعِ، وَالْبَصِيرِ، وَبَاسِطِ الرِّزْقِ، وَفَالِقِ الإِصْبَاحِ، قَالَ ابْنُ عُمَرَ: كَانَتْ يَمِينُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا وَمُقَلِّبِ القُلُوبِ».
فَهَذَا كُلُّهُ يَمِينٌ، سَوَاءٌ أَرَادَ بِهِ الْيَمِينَ، أَوْ أَطْلَقَ، أَوْ أَرَادَ غَيْرَ الْيَمِينِ.
وَحُرُوفُ الْقَسَمِ ثَلاثَةٌ: الْبَاءُ، وَالتَّاءُ، وَالْوَاوُ، كَقَوْلِهِ: بِاللَّهِ،