قَالَ: أَعْتَقَ عِنْدَ مَوْتِهِ سِتَّةَ مَمَالِيكَ لَهُ، وَلَيْسَ لَهُ شَيْءٌ غَيْرُهُمْ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ فِيهِ قَوْلا شَدِيدًا، ثُمَّ دَعَاهُمْ، فَجَزَّأَهُمْ ثَلاثَةَ أَجْزَاءٍ، فَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ، فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ، وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً ".
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَغَيْرِهِ، وَعَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ، وَقَالَ: أَعْتَقَ ستَّةَ مَمْلُوكينَ لَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرَهُمْ
وَأَبُو الْمُهلب اسْمه عَبْد الرَّحْمَنِ بْن عَمْرو، ويقَالَ: مُعَاوِيَة بْن عَمْرو وَهُوَ عمُّ أَبِي قِلابَة، وَأَبُو قِلابَة اسْمه عَبْد اللَّهِ بْن زَيْد الجَرْمي.
قَالَ الإِمَامُ: فِي هَذَا دَلِيل على أَن الْعتْق الْمُنجز فِي مرض الْمَوْت، وَكَذَلِكَ التَّبَرُّع الْمُنجز فِي مرض الْمَوْت، كالمعلق بِالْمَوْتِ فِي الِاعْتِبَار من الثُّلُث، وَفِي أَن من لَا يَصح لَهُ الْوَصِيَّة لَا يصحُّ التَّبَرُّع مَعَه فِي مرض الْمَوْت، ويفترقان فِي حكمين، أَحدهمَا: أَنَّهُ يجوز لَهُ الرُّجُوع عَنِ الْمُعَلق بِالْمَوْتِ، لِأَن الْملك لم يحصل للمتبرع عَلَيْهِ قبل الْمَوْت، وَلَا يملك الرُّجُوع عَنِ الْمُنجز بِحُصُول الْملك لَهُ.
وَالثَّانِي: أَن فِي الْمُنجز يُقدم الأسبق، فالأسبق وَفِي الْمُعَلق بِالْمَوْتِ لَا يُقدم مَا لم يُقيد بَيَانه، وَلَو قَالَ فِي مرض مَوته