عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ أَعْتَقَ شِقْصًا فِي عَبْدٍ، أُعْتِقَ كُلُّهُ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، وَإِلا يُسْتَسْعَ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ».
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ عَمْرٍو النَّاقِدِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ ابْن أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ
قَوْله: «غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ»، قَالَ بَعضهم: أَي لَا يُستغلى عَلَيْهِ فِي الثّمن.
وروى شُعْبَة، وَهِشَام هَذَا الْحَدِيث، عَنْ قَتَادَة، وهما أثبت مَنْ روى عَنْ قَتَادَة، وَلم يذكرَا فِيهِ السّعَايَة وَرَوَاهُ همَّام، عَنْ قَتَادَة، وَجعل ذكر السّعَايَة من كَلَام قَتَادَة، وَلم يَجعله من متن الْحَدِيث.
وتأوَّل بعضُ النَّاس معنى السّعَايَة على أَنَّهُ يستسعى العَبْد، أَي: يستخدم لسَيِّده الَّذِي لم يعتِق إِن كَانَ المعتِق مُعسرا، وَقَوله: «غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ»، أَي: لَا يُحمل من الْخدمَة فَوق مَا يلْزمه، إِنَّمَا يُطَالِبهُ بِقدر مَاله فِيهِ من الرّقّ، وَقَوله: «شِقْصًا»، أَي: نَصِيبا، والشقص والشقيص: النَّصِيب.
قَالَ الإِمَامُ: فِي حكم النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعِتْق نصيب الشَّرِيك بِإِعْتَاق الآخر نصِيبه دَلِيل على أَن لِلْعِتْقِ من السَّرَايَة، وَالْغَلَبَة مَا لَيْسَ لغيره، حَتَّى لَو أعتق