عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَتَبَ إِلَى أُمَرَاءِ الأَجْنَادِ فِي رِجَالٍ غَابُوا عَنْ نِسَائِهِمْ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوهُمْ بِأَنْ يُنْفِقُوا، أَوْ يُطَلِّقُوا، فَإِنْ طَلَّقُوا، بَعَثُوا بِنَفَقَةٍ مَا حَبَسُوا "
قَالَ الإِمَامُ: فِيهِ دليلٌ على أَن الزَّوْج إِذا غَابَ عَنْ زَوجته لَا تسْقط نفقتُها، وَإِذا لم يُنفق عَلَيْهَا مُدَّة تكون نَفَقَتهَا دينا عَلَيْهِ، وَكَذَا الإدام، وَالْكِسْوَة، وَنَفَقَة الْخَادِم، وَهُوَ قَول الشَّافِعِيّ، وَذهب أَصْحَاب الرَّأْي إِلَى أَن نَفَقَة الزَّوْجَة لَا تصير دينا فِي الذِّمَّة مَا لم يفرضها الْقَاضِي، فَأَما إِذا غَابَتْ الْمَرْأَة بِغَيْر إِذْنه، أَو هربت، أَو نشزت، فتسقُط نفقتُها.
وَلَو امْتنع عَلَيْهِ مباشرتها لمَرض، أَو حيض، أَو نِفَاس، أَو رتق، أَو قرن، لَا تسْقط نَفَقَتهَا، وَإِن كَانَت هِيَ صَغِيرَة لَا تحتمِل الْجِمَاع، فَلَا نَفَقَة لَهَا، وَإِن كَانَت هِيَ كَبِيرَة، وَالزَّوْج صَغِير، فَعَلَيْهِ النَّفَقَة، وَلَا تسْقط نَفَقَتهَا بِالصَّوْمِ، وَالصَّلَاة، وَلَو أسلمت الْكَافِرَة بعد الدُّخُول، وتخلَّف زَوجهَا، فَلَا تسْقط نفقتُها، لِأَنَّهَا أدَّت فرضا عَلَيْهَا، كَمَا لَو صلَّت، أَو صَامت، وَإِن أسلم الزَّوْج، وَتَخَلَّفت الْمَرْأَة، فَلَا نَفَقَة لَهَا، لِأَنَّهَا بالامتناع عَنِ الْإِسْلَام نَاشِزَة.