قَالَ الإِمَامُ: إِذا اجْتمع على الْمَرْأَة عدَّتانِ من شَخْصَيْنِ، بِأَن وطِئت فِي عدَّة الْغَيْر بِالشُّبْهَةِ، فَإِن العدتين لَا تتداخلان عِنْد أَكثر أهل الْعلم، بل يُنظر، إِن كَانَ بهَا حمل من أَحدهمَا، تقدم عدَّة الْحمل، فَإِن كَانَ الْحمل من الأول، تستأنِف الْعدة عَنِ الثَّانِي بعد وضع الْحمل، وَإِن كَانَ الْحمل من الثَّانِي، تَنْقَضِي عدَّتُها عَنِ الثَّانِي بِوَضْع الْحمل، ثُمَّ تكمل بَقِيَّة عدَّة الأول، وَإِن لم يكن بهَا حمل، فتكمل عدَّة الأول، ثُمَّ تسْتَأْنف الْعدة عَنِ الثَّانِي، وَإِن نكحت فِي عدتهَا، فالزمان الَّذِي يستفرشها الثَّانِي لَا يكون محسوبًا من عدَّة وَاحِد مِنْهُمَا، فَإِذا فرق بَينهمَا، أكملت بَقِيَّة عدَّة الأول، ثُمَّ استأنفت الْعدة من الثَّانِي.

وَمِمَّنْ ذهب إِلَى أَن العدتين لَا تتداخلان عُمَر، وَعلي، وَبِهِ قَالَ عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيزِ، وَإِلَيْهِ ذهب الشَّافِعِيّ، وَذهب قوم إِلَى أَن العدَّتين تتداخلان، فَإِذا مَضَت بهَا ثَلَاثَة أَقراء من وَقت إِصَابَة الثَّانِي، فقد حلت مِنْهُمَا، وَهُوَ قَول مَالِك، وَأَصْحَاب الرَّأْي.

وَقَالَ إِبْرَاهِيم فِيمَن تزوج فِي الْعدة، فَحَاضَت عِنْده ثَلَاث حيض: بَانَتْ من الأول، وَلَا تحتسب بِهِ لمن بعده، وَقَالَ الزُّهْرِيّ: تُحتسب.

وَاخْتَارَهُ سُفْيَان، وَقَوله: «ثُمَّ لَمْ يَنْكِحُهَا أَبدًا»، هَذَا قَول تفرد بِهِ عُمَر أَن من نكحَ امْرَأَة فِي عدَّة الْغَيْر يُفرق بَينهمَا، ثُمَّ لَا تحلُّ لَهُ أبدا، وَعَامة أهل الْعلم على أَنَّهَا تحل لَهُ بعد الْخُرُوج عَنْ عدَّة الأول.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015