وَذهب بَعضهم إِلَى أَن يجوز إِعْتَاق الْكَافِرَة فِي جَمِيع الكفَّارات إِلا فِي كَفَّارَة الْقَتْل، حُكي ذَلِكَ عَنْ عَطَاء، وَهُوَ قَول الثَّوْرِيّ، وَأَصْحَاب الرَّأْي، وَاتَّفَقُوا على أَنَّهُ لَا يُجزئ الْمُرْتَد، وَقد شَرط اللَّه الْإِيمَان فِي رَقَبَة الْقَتْل، وَأطلق ذكر الرَّقَبَة فِي غَيره، فَوَجَبَ أَن يحمل المُطلق على المقيَّد، كَمَا قيد الشَّهَادَة بِالْعَدَالَةِ فِي مَوضِع، فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطَّلَاق: 2]، وَأطلق فِي مَوضِع، ثُمَّ الْكل سَوَاء فِي كَون الْعَدَالَة شرطا فِيهِ.
وَاخْتلف قَول الشَّافِعِيّ فِيمَن نذر إِعْتَاق رَقَبَة مُطلقًا، فَهَل يخرج عَنْهُ بِإِعْتَاق رَقَبَة كَافِرَة أم لَا؟ قَالَ الإِمَامُ: أقربُها إِلَى الِاحْتِيَاط وأشبهها بِظَاهِر الْحَدِيث، أَن لَا يجوز.
وَيجوز إِعْتَاق الصَّغِير عَنِ الْكَفَّارَة إِذا كَانَ أحدُ أَبَوَيْهِ مُسلما، أَو كَانَ قد سباه مُسْلِم، لِأَنَّهُ مَحْكُوم بِإِسْلَامِهِ تبعا لِلْأَبَوَيْنِ أَو للسابي، وَشَرطه أَن يكون سليم الرّقّ، سليم الْبدن، عَنْ عيب يُضِرُّ بِالْعَمَلِ ضَرَرا بَينا حَتَّى لَا يجوز أَن يعْتق عَنْ كَفَّارَته مكَاتبا، وَلَا أم ولد، وَلَا عبدا اشْتَرَاهُ بِشَرْط الْعتْق، وَلَو اشْترى قريبُهُ الَّذِي يُعتق عَلَيْهِ بنيَّة الْكَفَّارَة، عتق عَلَيْهِ، وَلَا يحوز عَنِ الْكَفَّارَة، وجوَّز أَصْحَاب الرَّأْي الْمكَاتب إِذا لم يكن أدَّى شَيْئا من نُجُوم الْكِتَابَة، وَعتق الْقَرِيب، وجوَّزوا الْمُدبر، وجوَّز طَاوس أم الْوَلَد، وَلم يجوزها الْأَكْثَرُونَ، وَيجوز الْأَعْوَر، والأعرج، والأبرص، ومقطوع الْأذن، وَالْأنف، والخصي، والمجبوب، والأخرس الَّذِي يعقل الْإِشَارَة، لِأَن هَذِه الْعُيُوب لَا تُخِلُّ بِالْعَمَلِ خَللا بيِّنًا، وَلَا يجوز الْأَعْمَى، وَلَا الْمَجْنُون، وَلَا المريضُ الَّذِي لَا يُرْجَى زَوَال مَرضه، وَلَا مَقْطُوع