وحُكي عَنِ الْحَسَن أَنَّهُ قَالَ: يَقع بِهِ طَلْقَة رجعيَّة، وَهُوَ قَول مَالِك، ويُروى ذَلِكَ عَنْ عَليّ، وَزَيْد.
وَإِذا فوَّض الرجلُ طَلَاق امْرَأَته إِلَيْهَا، فَقَالَ لَهَا: طَلِّقِي نَفسك.
أَو خيَّرها، أَو قَالَ لَهَا: أَمرك بِيَدِك.
وَأَرَادَ بِهِ تَفْوِيض الطَّلَاق، فَطلقت نَفسهَا فِي الْمجْلس يَقع، وَلَو فَارَقت مجلسها قبل أَن تُطلق نَفسهَا، فَذهب أَكثر الْفُقَهَاء إِلَى أَن الْأَمر خرج من يَدهَا بمفارقة الْمجْلس كَمَا لَو ردَّته، فَلَا يَقع إِذا طلقت نَفسهَا بعده، كَمَا لَو بَاعَ من رجل شَيْئا، فَفَارَقَ الْمجْلس قبل أَن يقبل، وَهُوَ قَول شُرَيْح، ومسروق، وَعَطَاء، وَمُجاهد، وَالشَّعْبِيّ، وَالنَّخَعِيّ، وَإِلَيْهِ ذهب مَالِك، وَالثَّوْرِيّ، وَالأَوْزَاعِيّ، وَالشَّافِعِيّ، وَأَصْحَاب الرَّأْي.
وَذهب قوم إِلَى أَن خِيَارهَا لَا يبطُل بمفارقة الْمجْلس، وَلها تطليقُ نَفسهَا بعده، وَهُوَ قَول قَتَادَة، وَالْحَسَن، وَالزُّهْرِيّ.
وَاخْتلف أهل الْعلم فِيمَا لَو قَالَ الزوجُ لَهَا: أمُرِك بِيَدِك، فَطلقت نَفسهَا، ونوت أَكثر من وَاحِدَة، فَذهب أَكْثَرهم إِلَى أَنَّهُ لَا يَقع إِلا وَاحِدَة، وَهُوَ قَول عُمَر، وَعَبْد اللَّهِ بْن مَسْعُود، وَبِهِ قَالَ الثَّوْرِيّ، وَأَصْحَاب الرَّأْي.
رُوي أَن مُحَمَّد بْن عَتيق، قَالَ: ملَّكت امْرَأَتي أمرهَا، ففارقتني، فَقَالَ زَيْد بْن ثَابِت: إرتجعها إِن شِئْت، فَإِنَّمَا هِيَ وَاحِدَة، وَأَنت أملكُ بهَا.
وَقَالَ ابْن عُمَر: إِذا جعل أمرهَا بِيَدِهَا، فَطلقت نَفسهَا ثَلَاثًا، وَأنكر الزَّوْج، وَقَالَ: لم أجعَل أمرهَا بِيَدِهَا إِلا فِي وَاحِدَة، كَانَ القَوْل قَوْله مَعَ يَمِينه، وَهُوَ قَول الشَّافِعِيّ، وَإِسْحَاق، وَقَالَ عُثْمَان بْن عَفَّان: