وَلَا تَنْقَطِع الرَّجعة بِشَيْء مِنْهَا إِن كَانَ بعد الدُّخُول، قِيَاسا على صَرِيح لفظ الطَّلَاق عِنْد الشَّافِعِيّ، إِنَّمَا تَنْقَطِع بِذكر عوض، أَو اسْتِيفَاء عدد الثَّلَاث.
وَقَالَ ابْن عُمَر فِي الخليَّة، والبريَّة: إِن كل وَاحِد مِنْهُمَا ثَلَاث طلقات، وَبِهِ قَالَ مَالِك فِي الْمَدْخُول بهَا، وَقَالَ: يُديَّن فِي غير الْمَدْخُول بهَا، وَكَذَلِكَ قَالَ فِي البائنة.
وَقَالَ الزُّهْرِيّ: إِذا قَالَ: برئتُ مِنْك، وبرئتِ مني، ثَلَاث طلقات بِمَنْزِلَة الْبَتَّةَ، وَذهب أَصْحَاب الرَّأْي إِلَى أَن الْكِنَايَات أَكْثَرهَا تقطع الرّجْعَة.
وَإِذا حدَّث الرجل نَفسه بِالطَّلَاق، وَلم يتَلَفَّظ، لَا يَقع بِهِ شَيْء عِنْد أَكثر أهل الْعلم، لقَوْل النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتي مَا وَسْوَسَتْ بِهِ أَنفُسُها، مَا لَمْ تَتَكَلَّمْ أَوْ تَعْمَلَ بِهِ».
والى هَذَا ذهب عَطَاء بْن أَبِي رَبَاح، وَسَعِيد بْن جُبَير، وَالشَّعْبِيّ، وَقَتَادَة، وَبِهِ قَالَ الثَّوْرِيّ، وَالشَّافِعِيّ، وَأَصْحَاب الرَّأْي، وَأَحْمَد، وَإِسْحَاق، وَقَالَ الزُّهْرِيّ: إِذا عزم على ذَلِكَ وَقع الطَّلَاق، وَإِن لم يتَلَفَّظ بِهِ، وَهُوَ قَول مَالِك، وَاتَّفَقُوا على أَنَّهُ لَو عزم على الظِّهَار، لم يلْزمه حكمُه، وَلَو حدَّث نَفسه فِي الصَّلَاة، لم تبطل صلَاته، وَلَو كَانَ حَدِيث النَّفس بمنزل الْكَلَام، لبطلت بِهِ الصَّلَاة، وَلَو قَالَ لَهَا: أَنْت طَالِق هَكَذَا، وَأَشَارَ بِثَلَاث أَصَابِع، كَانَ ثَلَاثًا، فَإِن أَشَارَ بإصبعين، فَهُوَ اثْنَتَانِ، قَالَه الشَّعْبِيّ، وَقَتَادَة، وَالْآخرُونَ.