عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَن ابْنِ مُحَيْرِيزٍ، أَنَّهُ قَالَ: دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ، فَرَأَيْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ، فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ، فَسَأَلْتُهُ عَنِ الْعَزْلِ، قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ، فَأَصَبْنَا سَبيًا مِنْ سَبْيِ الْعَرَبِ، فَاشْتَهَيْنَا النَّسَاءَ، وَاشْتَدَّتْ عَلَيْنَا الْعُزْبَةُ، وَأَحْبَبْنَا الْعَزْلَ فَأَرَدْنَا أَنْ نَعْزِلَ، فَقُلْنَا: نَعْزِلُ وَرَسُولُ اللَّهِ بَيْنَ أَظْهُرِنَا قَبْلَ أَنْ نَسْأَلَهُ، فَسَأَلْنَاهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: «مَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَفْعَلُوا، مَا مِنْ نَسْمَةٍ كَائِنَةٍ إِلَى يَوْمِ القِيامَةِ إِلا وَهِيَ كَائِنَةٌ».
هَذَا حَدِيث مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِم، عَنْ قُتَيْبَةَ أَيْضًا
وَفِي الْحَدِيث دَلِيل على جَوَاز استرقاق الْعَرَب، وَقَوله: «وَمَا عَلَيْكُم أَن لَا تَفعلُوا».
ويُروى: «لَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَفْعَلُوا»، قَالَ المبرّد: مَعْنَاهُ: لَا بَأْس عَلَيْكُم أَن تَفعلُوا، وَمعنى «لَا» الثَّانِيَة طرحُها.
قَالَ الإِمَامُ: اخْتلف أهل الْعلم فِي كَرَاهِيَة الْعَزْل، فرخَّص فِيهِ غيرُ وَاحِد من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ، قَالَ جَابِر: كُنَّا نعزلُ وَالْقُرْآن ينزلُ، وَرخّص فِيهِ زيد بْن ثَابِت، وَرُوِيَ عَنْ أَبِي أَيُّوب، وَسَعْد