عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ شَتَّى».
وَتَأَوَّلَ من ورث أَحدهمَا من الآخر الْحَدِيث على الْإِسْلَام مَعَ الْكفْر، أما الْكفْر فكلهُ ملةٌ وَاحِدَة، فتوريثُ بَعضهم من بعض لَا يكون إِثْبَاتًا للتوارُث بَين أهل ملتين شَتَّى.
أما الْمُرْتَد، فَلَا يَرث أحدا لَا مُسلمًا وَلَا كَافِرًا وَلَا مُرْتَدا، وَاخْتلفُوا فِي مِيرَاثه، فَذهب جمَاعَة إِلَى أَنَّهُ لَا يُورث مِنْهُ، بل مَاله فَيْء، وَهُوَ قَول ابْن أَبِي ليلى، وَرَبِيعَة، وَمَالك، وَالشَّافِعِيّ، وَذهب جمَاعَة إِلَى أَنَّ مِيرَاثه لأقاربه الْمُسلمين، رُوي ذَلِكَ عَنْ عَليّ، وَعَبْد اللَّهِ بْن مَسْعُود، وَهُوَ قَول الْحَسَن، وَالشَّعْبِيّ، وَعُمَر بْن عَبْد الْعَزِيزِ، وَبِهِ قَالَ الأَوْزَاعِيّ، وَإِسْحَاق، وَأَبُو يُوسُف، وَمُحَمَّد.
وَذهب بَعضهم إِلَى أنَّ مَا اكْتَسبهُ فِي الْإِسْلَام لوَرثَته الْمُسلمين، وَمَا اكْتسب بعد الرِّدة فَيْء، وَهُوَ قولُ سُفْيَان الثَّوْرِيّ، وَأَبِي حنيفَة، وَحكي عَنْ قَتَادَة أنَّ مِيرَاث الْمُرْتَد لأهل الدَّين الَّذِي انْتقل إِلَيْهِ، والْحَدِيث يدلُ على منع الْإِرْث، لأنهُ لم يفُصِّل بَين كفر وَكفر، والأسير فِي أَيدي الكفَّار إِذا مَاتَ يُورث مِنْهُ، وَيَرِث إِذا مَاتَ لَهُ قريب عِنْد عَامَّة أهل الْعلم، إِلا مَا حُكي عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب أنهُ كَانَ لَا يورِّث الأسيرَ.
قَالَ الإِمَامُ: والأسبابُ الَّتِي تمنع الميراثَ أَرْبَعَة: اخْتِلَاف الدَّين كَمَا