عَدْلٍ، وَلَا يَكْتُمُ، فَإِنْ وَجَدَ صَاحِبهَا، فَلْيَرُدَّهَا عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَهُوَ مَالُ اللَّه يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ».
وهَذَا أَمر تَأْدِيب وإرشاد، وَذَلِكَ لمعنيين، أحَدُهما: مَا لَا يؤُمن أَن يحمِلَهُ الشيطانُ على إِِمْسَاكهَا، وَترك أَدَاء الْأَمَانَة فِيهَا، وَالثَّانِي: رُبمَا تخترمُه المنيةُ، فتحوزها ورثتهُ فِي جملَة التَّرِكَة، وَقد قيل: الْإِشْهَاد واجبٌ.
وَقَوله فِي ضَالَّة الْغنم: «هِيَ لَك أَو لأخيك أَو للذئب»، فهَذَا رُخصة فِي أَخذهَا، معناهُ: أَنَّهَا طعمة لكل آخذ، فَإِن لم تأخذها أَنْت يَأْخُذهَا غَيْرك، أَو يأكلها الذِّئْب.
وحكُم الضَّالة، أَنَّهُ إِن وجدهَا فِي صحراء، وَكَانَ مِمَّا يمْتَنع من صغَار السِّباع بقوته، كَالْإِبِلِ، وَالْبَقر، وَالْخَيْل، وَالْبِغَال، وَالْحمير، أَو بعدوه، كالظبي والأرنب، أوْ بطيرانه، فَلَا يجوز أَخذهَا إِلا للْإِمَام، وَلَا بَأْس لَهُ أَن يَأْخُذهَا، فيمسكها فِي مَوضِع الضوال إِلَى أَن يطْلبهَا مالكُها، فَإِن أَخذهَا رجل، كَانَ ضَامِنا، وَلَا يخرج عَنِ الضَّمَان بِالْإِرْسَال، حَتَّى يردَّ إِلَى الْمَالِك.
وَإِن كَانَ ممَّا لَا يمْتَنع من صغَار السِّباع، كالشاة، والفصيل، والعجل، وَالْبَعِير الكسير، وَنَحْوهَا، يجدهَا فِي صحراء أَو مهلُكة، فلهُ أَن يأكلها، وَالْقيمَة فِي ذمَّته لمَالِكهَا إِلَّا أَن يتَبَرَّع بإمساكها، والإنفاق عَلَيْهَا وتعريفها، قَالَ مَالِك: إِذا وجد الشَّاة فِي الصَّحرَاء، فَأكلهَا، لَا غرم عَلَيْهِ، لقَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هِيَ لكَ»، وَعند الْعَامَّة معنى قَوْله: «هِيَ لَكَ» فِي إِبَاحَة الْأكل لَا فِي سُقُوط الْغرم، وَكَذَلِكَ الْأَطْعِمَة الَّتِي لَا تبقى، لَهُ أَن يأكلها وَالْقيمَة فِي ذمَّته، وَلَو لم يَأْكُل أَو كَانَ حَيَوَانا لَا يحل أكلهَا، كالجحش، يَبِيعهَا ويمسك ثمنهَا إِلَى أَن تمْضِي مُدة التَّعْرِيف، ثُمَّ يتَمَلَّك.
وَإِن وجد الضَّالة فِي قَرْيَة، وَبَين ظهراني عمَارَة، فَعَلَيهِ أَن يُعرِّفها سنة، كَسَائِر الْأَمْوَال، لَا فرق