وَفَضَّلَ عُمَرُ بْن الخَطَّابِ عَاصِمًا بِشَيء أَعْطَاهُ إيَّاهُ، وَفَضَّلَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بْن عَوْفٍ وَلَدَ أُمِّ كُلْثُومٍ.

وَفِي الْحَدِيث دليلٌ على أنَّ الْوَالِد إِذا وهب لوَلَده شَيْئا وَسلم إِلَيْهِ، جَازَ لهُ الرجوعُ فِيهِ، وَكَذَلِكَ الْأُمَّهَات والأجداد، فَأَما غيرُ الْوَالِدين فَلَا رُجُوع لَهُم فِيمَا وهبوا وسلموا، لقَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «العائدُ فِي هبتِه كالعائد فِي قيئه» وَهُوَ قَول الشَّافِعِيّ، غير أَن الأولى أَلا يرجع إِلا عَنْ غَرَض ومقصود، مثل أَن يُرِيد التَّسْوِيَة بَين الْأَوْلَاد، أَو إِبْدَاله بِمَا هُوَ أَنْفَع للْوَلَد، وَذهب قوم إِلَى أَنَّهُ لَا رُجُوع لهُ فِيمَا وهب لوَلَده، وَلَا لأحد من ذَوي مَحَارمه، وَله أَن يرجع فِيمَا وهب للأجانب، مَا لم يثب عَلَيْهِ، يُروى ذَلِكَ عَنْ أَحْمَد، وَهُوَ قَول الثَّوْرِيّ، وَأَصْحَاب الرَّأْي، وجوَّز مَالِك الرُّجُوع فِي الْهِبَة على الْإِطْلَاق، إِذا لم يكن الموهوبُ قد تغيَّر عَنْ حَاله، وَقَالُوا جَمِيعًا: لَا يرجع أحد الزَّوجين فِيمَا وهب لصَاحبه.

قَالَ الزُّهْرِيّ فِيمَن قَالَ لامْرَأَته: هبي لي بعضَ صَداقك أَو كلَّهُ، ثُمَّ لم يمكُثْ إِلا يَسِيرا حَتَّى طَلقهَا فَرَجَعت فِيهِ؟ قَالَ: يُردُّ إِلَيْهَا إِن كَانَ خلبها، وَإِن كَانَت أَعطَتْهُ عَنْ طيب نفس لَا خديعةَ فِيهِ جَازَ، قَالَ اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ} [النِّسَاء: 4]

طور بواسطة نورين ميديا © 2015