وَقَالَ دَاوُد بْن أَبِي هِنْد عَنِ الشَّعْبِيّ، قَالَ: «فَأَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي» ثُمَّ قَالَ: " أَيَسُرُّكَ أَنْ يَكُونُوا إلَيْكَ فِي البِرِّ سَوَاءٌ؟ قَالَ: بلَى، قَالَ: فَلا إِذا ".

وَقَالَ أَبُو حيَّان عَنِ الشَّعْبِيّ: قَالَ: «فَلا تُشْهِدُني إِذا، فَإِنيِّ لَا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ».

والمرادُ من الْجور: هُوَ العدولُ عَنِ التَّسْوِيَة.

قَالَ الإِمَامُ: وَفِي هَذَا الْحَدِيث فوائدُ، مِنْهَا: استحبابُ التَّسْوِيَة بَين الْأَوْلَاد فِي النَّحْل وَفِي غَيرهَا من أَنْوَاع البرِّ حَتَّى فِي القُبل، ذُكُورا كَانُوا أَو إِنَاثًا، حَتَّى لَا يَعْرضَ فِي قلب المفضولِ مَا يمنعهُ من بره.

وَمِنْهَا: أَنَّهُ لَو نحلَ البعضَ وفضَّلهُ، يَصح، لقَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَرْجِعْهُ» وَلَو لم يَصح لما احْتَاجَ إِلَى الرُّجوع.

وَاخْتلف أهلُ الْعلم فِي تَفْضِيل بعض الْأَوْلَاد على بعض فِي النَّحل، فَذهب قوم إِلَى أَنَّهُ مَكْرُوه، وَلَو فعل نفذ، وَهُوَ قَول مَالِك، وَالشَّافِعِيّ، وَأَصْحَاب الرَّأْي، قَالَ إِبْرَاهِيم: كَانُوا يستحبُّون أَن يعدلُوا بَين أَوْلَادهم حَتَّى فِي القُبَل.

وَذهب قومٌ إِلَى أنهُ لَا يجوز التفضيلُ، وَيجب التَّسْوِيَة بَين الذُّكُور وَالْإِنَاث، وَلَو فضل، لَا ينفذ، وَهُوَ قَول طَاوُس، وَبِهِ قَالَ دَاوُد، وَلم يجوزه سُفْيَان الثَّوْرِيّ.

وَذهب قومٌ إِلَى أَن التَّسْوِيَة بَين الْأَوْلَاد أَن يُعطي الذكرُ مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ، فَإِن سوى بَينهمَا، أَو فضَّل بعضَ الذُّكُور على بعض، أَو بعض الْإِنَاث على بعض، لم ينفذ، وَبِهِ قَالَ شُرَيْح، وَهُوَ قَول أَحْمَد،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015