قَالَ أَبُو عبيد: وَفِي حَدِيث الزبير من الْفِقْه أَن الرجلَ يَجْعَل الدَّارَ وَالْأَرْض، وَقفا على قوم، وَيشْتَرط أَنَّهُ يَزِيد فيهم من شَاءَ، وينقُصُ من شَاءَ، فَيجوز لهُ ذَلِكَ، وَهَذَا الْوَقْف خَاصَّة دون الصَّدَقَة النافذة الْمَاضِيَة، لِأَن حكمهَا يخْتَلف، أَلا ترى أَن الْوَقْف قد يجوزُ أَن لَا يُخرجهُ صَاحبه من يَده، وأنَّ الصَّدَقَة لَا تكونُ مَاضِيَة حَتَّى تخرَج من يَد صَاحبهَا.
وَقَالَ الزُّهْرِيّ فِيمَن جعل ألف دِينَار فِي سَبِيل اللَّه، وَدَفعها إِلَى غُلَام لَهُ بِأَجْر يتجر بهَا، وَجعل ربحها صَدَقَة للْمَسَاكِين أَو لم يَجْعَل: لَيْسَ لَهُ أَن يَأْكُل مِنْهَا.
قَالَ أهل اللُّغَة: إِذا قَالَ فِي الْوَصِيَّة: هَذَا لِعقب فلَان، فَهُوَ لأولاده الذُّكُور وَالْإِنَاث، وللذكور وَالْإِنَاث من أولادِ ابْنه، وَلَيْسَ لأَوْلَاد بَنَاته شَيْء، وَلَو قَالَ: لولد فلَان، فَهُوَ للذكور وَالْإِنَاث من ولد نَفسه، لَيْسَ لأَوْلَاد بَنَاته شَيْء، لأَنهم لَا يُنسبون إِلَيْهِ.
وَلَو قَالَ: لذرية فلَان فَهُوَ لأولاده وَأَوْلَاد بنيه وَبنَاته من الذُّكُور وَالْإِنَاث، لِأَنَّهُ اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قَالَ: {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ} [الْأَنْعَام: 84] وَأدْخل فِيهِ عِيسَى، وَكَانَ من أَوْلَاد الْبِنْت.
وَلَو قَالَ: للأرامل من ولد فلَان، فَهُوَ للنِّسَاء اللَّاتِي مَاتَ أَزوَاجهنَّ، وَلَا حظَّ فِيهِ للرِّجَال، وَالرجل تَمُوت امرأتُه، يُقَالَ لَهُ: أيم، وَلَا يُقَالَ لهُ: أرمل، وَلَو قَالَ: للعزاب من أَوْلَاد فلَان، يعْطى للرجل الَّذِي لَا نسوان لَهُم، وللنساء اللواتي لَا أَزوَاج لَهُنَّ.