هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُثَنَّى، عَنِ ابْنِ أَبِي عَدِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ.
قَوْله: «غَيْرَ مُتأَثِّلِ مَالا» أَي: جَامع، وكل شَيْء لهُ أصل قديم، أَو جمع حَتَّى يصير لَهُ أصل، فَهُوَ موثَّل، ومجد موثَّل، وأثْلة الشَّيْء: أَصله.
وَالْعَمَل على هَذَا عِنْد عَامَّة أهل الْعلم من أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَنْ بعدهمْ من الْمُتَقَدِّمين، لم يَخْتَلِفُوا فِي إجَازَة وقف الْأَرْضين وَغَيرهَا من المنقولات، وللمهاجرين وَالْأَنْصَار أوقاف بِالْمَدِينَةِ، وَغَيرهَا لم يُنقل عَنْ أحد مِنْهُم أَنَّهُ أنكرهُ، وَلَا عَنْ وَاقِف أَنَّهُ رَجَعَ عَمَّا فعله لحَاجَة وَغَيرهَا.
وَقَالَ مُغيرَة، عَنْ إِبْرَاهِيم: «لَا حبيسَ إِلا حبيسٌ فِي سَبِيل اللَّه من سلَاح أَو كرَاع».
وَفِيه دليلٌ على أنَّ من وقف شَيْئا، وَلم ينصب لَهُ قيمًا معينا يجوز، لِأَنَّهُ قَالَ: لَا جُناحَ على من وَليهَا أَن يأكلَ مِنْهَا، وَلم يعين لَهُ قيمًا.
وَفِيه دليلٌ على أنهُ يجوزُ للْوَاقِف أَن ينتفعَ بوقفه، لِأَنَّهُ أَبَاحَ الْأكل لمن وليه، وَقد يَلِيهِ الْوَاقِف، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للَّذي سَاق الْبَدنَة «اركَبْهَا»: وَقَالَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ يَشْتَرِي بِئْرَ رُومَةَ فَيَكُونُ