ورُوي عَنْ هِشَام بْن عُرْوَة، عَنْ أَبِيه، عَنْ أَسمَاء بنت أَبِي بَكْر: «أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْطَعَ الزُّبَيْرَ نَخْلا».
قَالَ الْخطابِيّ: النّخل مَال ظَاهر الْعين، حاضرُ النَّفْع، كالمعادن الظَّاهِرَة فَيُشبه أَن يكون إِنَّمَا أعطاهُ ذَلِكَ من الْخمس الَّذِي هُوَ سَهمه، وَالله أعلم.
ورُوي: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْطَعَ الْمُهَاجِرِينَ الدُّورَ بِالْمَدِينَةِ».
وَرُوِيَ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ أَن يُورث دور الْمُهَاجِرين النِّسَاء، فَمَاتَ عَبْد اللَّهِ بْن مَسْعُود، فورثته امْرَأَته دَارا بِالْمَدِينَةِ».
وتأوَّلوا هَذَا الإقطاعَ على وَجْهَيْن، أَحدهمَا: أَنه أقطعهم الْعَرَصَة ليبنوا فِيهَا، فعلى هَذَا الْوَجْه صَارَت الدُّورُ ملكا لَهُم بِالْبِنَاءِ، وتوريثه الدّور نسَاء الْمُهَاجِرين خُصُوصا، يشبه أَن يكون إِنَّمَا خصَّهُن بالدور من بَين سَائِر الْوَرَثَة، لِأَنَّهُنَّ غرائب بِالْمَدِينَةِ لَا عشيرة لهنَّ، فَجعل نصيبهن من الْمِيرَاث فِي الدُّور لما رأى فِي ذَلِكَ من الْمصلحَة.
والتأويل الثَّانِي: أَن إقطاع الْمُهَاجِرين الدّور كَانَ على سَبِيل الْعَارِية، وَإِلَيْهِ ذهب أَبُو إِسْحَاق المرزوي، فعلى هَذَا الْوَجْه لَا يجْرِي فِيهَا الإرثُ، لِأَن الإرثَ إِنَّمَا يجْرِي فِيمَا يكون مَمْلُوكا للموروث منهُ، غير أَنَّهَا تُركت