عَنْ شمير، عَنْ أَبْيَضَ بْنِ حَمَّالٍ الْمَأْرِبِيِّ، أَنَّهُ وَفَدَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاسْتَقْطَعَهُ المِلْحَ الَّذِي بِمَأْرِبَ، فَأَقْطَعَهُ إيَّاهُ، فَلَمَّا وَلَّى، قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَدْرِي مَاذَا أَقْطَعْتَ؟ إِنَّمَا أَقْطَعْتَ لَهُ الْمَاءَ الْعِدَّ.

قَالَ: «فَرَجَعَهُ مِنْهُ»، قَالَ: وَسَأَلَهُ مَاذَا يُحْمَى مِنَ الأَرَاكِ؟ قَالَ: «مَا لَمْ تَنَلْهُ أَخْفَافُ الإِبِلِ».

فبَيَّن بهَذَا أَن المعدِنَ الظَّاهِر لَا يجوز إقطاعُه، كَالْمَاءِ الْعد، وَهُوَ الدَّائم الَّذِي لَا يَنْقَطِع، وَقَوله: استقطع، أَي: سَأله أَن يُقطعه.

وقولُ: «مَا لَمْ تَنَلْهُ أَخْفَافُ الإِبِلِ» أَرَادَ بِهِ أَنَّهُ أَنما يحمي من الْأَرَاك مَا بَعد عَنْ حَضْرَة الْعِمَارَة، وَلَا تبلغهُ الإبلُ الرَّائِحَة إِذا أرْسلت فِي الرَّعْي.

وَفِيه دليلٌ على أَن الكَلأ والرعي فِي غير الْملك لَا يمْنَع من السَّارحة، وَلَيْسَ لأحد أَن يستأثِر بِهِ دون سَائِر النَّاس، فأمّا مَا كَانَ فِي ملك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015