قَالَ الإِمَامُ: فِيهِ دليلٌ على جَوَاز إِجَارَة الْأَرَاضِي، وَذهب عامةُ أهل الْعلم إِلَى جَوَازهَا بالدرهم وَالدَّنَانِير، وَغَيرهَا من صُنوف الْأَمْوَال، سَوَاء كَانَ مِمَّا تُنبت الأَرْض أَو لَا تُنبت، إِذا كَانَ مَعْلُوما بالعيان أَو بِالْوَصْفِ، كَمَا يجوز إِجَارَة غير الْأَرَاضِي من العبيد والدَّوَابِّ وَغَيرهَا، وَجُمْلَته أَن مَا جَازَ بيعُه، جَازَ أَن يُجعل أُجْرَة فِي الْإِجَارَة.
وَلَو اسْتَأْجر أَجِيرا ليتعهَّد نخيله على أَن لَهُ ثمرةَ نخلةٍ بِعَينهَا، فَإِن كَانَ قبل خُرُوج الثَّمَرَة لَا يجوزُ، كَمَا لَا يجوز بيع الْمَعْدُوم، وَإِن كَانَ بعد خُرُوج الثَّمرة، يجوز، ثُمَّ إِن كَانَ قبل بدوِّ الصّلاح، فَلَا يجوز إِلا بِشَرْط الْقطع، إِلا أَن يشْتَرط معهُ النخلةَ، كَمَا فِي البيع، وَإِن استأجرهُ على جزءٍ شَائِع من الثَّمر، ثلث وَربع، فَإِن كَانَ بعد بدوِّ الصّلاح فِي الثِّمَار، يجوزُ، وَإِن كَانَ قبله، لَا يجوز كَمَا لَا يجوز بيعُه، لِأَنَّهُ لابدَّ من شَرط الْقطع فِي بيع الثِّمَار قبل بدُوِّ الصّلاح، وَلَا يُمكن قطعُ الْجُزْء الشَّائِع إِلا بِقطع الْكل.
أما الْمُسَاقَاة، فَلَا تصحُّ إِلا قبل خُرُوج الثِّمَار، فَيكون لِلْعَامِلِ جزءٌ مِمَّا يحصُل بعد عمله، كَمَا فِي الْمُضَاربَة يكون لِلْعَامِلِ جزءٌ مِمَّا يحصل من الرِّبْح بعد عمله، وَقد جَاءَ فِي الْحَدِيث النَّهيُ عَنْ قَفِيزِ الطَّحَّانِ، قيل: هُوَ أَن يَقُول: اطحن هَذَا بِكَذَا وَزِيَادَة قفيز من نفس الطحين، فَذَلِك غير جَائِز.