وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى.

كِلاهُمَا عَنْ مَالِكٍ.

وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ، قَالُوا: إِذَا بَنَى الرَّجُلُ بِنَاءً، فَاحْتَاجَ فِيهِ إِلَى أَنْ يَضَعَ رَأْسَ الْخَشَبِ عَلَى جِدَارِ الْجَارِ، فَلَيْسَ لِلْجَارِ مَنْعُهُ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ، وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ.

وَذَهَبَ الأَكْثَرُونَ إِلَى أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ الْجَارُ عَلَيْهِ، وَالْخَبَرُ مَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ، وَالاسْتِحْبَابِ، وَحُسْنِ الْجِوَارِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَعَامَّةُ أَهْلِ الْعِلْمِ.

وَقَالَ الشَّافِعِيّ فِي الْجَدِيدِ: هَذَا كَمَا رُوِيَ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، أَنَّهُ كَانَ لَهُ عَضُدٌ مِنْ نَخْلٍ فِي حَائِطِ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ، وَمَعَ الرَّجُلِ أَهْلُهُ، وَكَانَ سَمُرَةُ يَدْخُلُ إِلَى نَخْلِهِ، فَيَتَأَذَّى بِهِ، فَطَلَبَ إِلَيْهِ أَنْ يَبِيعَهُ، فَأَبَى، فَطَلَبَ إِلَيْهِ أَنْ يُنَاقِلَهُ فَأَبَى، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَطَلَبَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَبِيعَهُ، فَأَبَى، فَطَلَبَ إِلَيْهِ أَنْ يُنَاقِلَهُ فَأَبَى، قَالَ: «فَهَبْهُ لَهُ وَلَكَ كَذَا وَكَذَا» أَمْرًا رَغَّبَهُ فِيهِ، فَأَبَى، فَقَالَ: «أَنْتَ مُضَارُّ» وَقَالَ لِلأَنْصَارِيِّ: «اذْهَبْ فَاقْلَعْ نَخْلَهُ».

قَوْلُهُ: «عَضُدٌ» أَيْ: طَرِيقَةٌ مِنَ النَّخْلِ، وَقِيلَ: إِنَّمَا هُوَ عَضِيدٌ، وَالْعَضِيدُ مِنَ النَّخْلِ: مَا لَمْ يَطُلْ، قَالَ الأَصْمَعِيُّ، إِذَا صَارَ لِلنَّخْلَةِ جِذٌ يُتَنَاوَلُ مِنْهُ، فَهُوَ عَضِيدٌ، وَهَذَا كَانَ عَلَى سَبِيلِ الرَّدْعِ عَنِ الإِضْرَارِ لَا عَلَى سَبِيلِ الْحَتْمِ، لأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ قَلَعَ نَخْلَهُ، وَهَذَا كَمَا رُوِيَ أَنَّ الضَّحَّاكَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015