عَنْ أَبِيهِ، يَرْفَعُهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ هَذَا الْحَدِيثِ، قَالَ: قَالَ عُرْوَةُ: وَلَقَدْ أَخْبَرَنِي الَّذِي حَدَّثَنِي بِهَذَا الْحَدِيثِ، أَنَّ رَجُلا غَرَسَ فِي أَرْضِ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ نَخْلا، فَاخْتَصَمَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَضَى لِلأَنْصَارِيِّ بِأَرْضِهِ، وقَضَى عَلَى الآخَرِ أَنْ يَنْزِعَ نَخْلَهُ، قَالَ: «فَلَقَدْ رَأَيْتُهَا يُضْرَبُ فِي أُصُولِهَا بِالْفُئُوسِ وَإِنَّهَا لَنَخْلٌ عَمٌّ».
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: قَوْلُهُ: «نَخْلٌ عَمٌّ»: هِيَ التَّامَّةُ فِي طُولِهَا وَالْتِفَافِهَا، وَوَاحِدَتُهَا: عَمِيمَةٌ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلْمَرْأَةِ: عَمِيمَةٌ إِذَا كَانَتْ كَذَلِكَ فِي خَلْقِهَا.
قَالَ الإِمَامُ: مَنْ غَصَبَ أَرْضًا فَزَرَعَهَا أَوْ غَرَسَهَا، قُلِعَ زَرْعُهُ وَغِرَاسُهُ، وَلا شَيْءَ لَهُ، وَعَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِ الأَرْضِ مِنْ يَوْمِ أَخْذِهَا، وَضَمَانُ نُقْصَانِ دَخْلِ الأَرْضِ بِالْغَرْسِ أَوِ الْقَلْعِ، وَإِنْ أَدْرَكَ الزَّرْعَ، فَهُوَ لِمَنْ كَانَ الْبِذْرُ لَهُ، لأَنَّهُ تَوَلَّدَ مِنْ عَيْنِ مَالِهِ، عَلَى قَوْلِ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَحُكِيَ عَنْ أَحْمَدَ، أَنَّهُ قَالَ: إِذَا حُصِدَ الزَّرْعُ، فَهُوَ لِصَاحِبِ الأَرْضِ، وَلِلزَّارِعِ الأُجْرَةُ، وَاحْتَجَّ بِمَا رَوَى شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ زَرَعَ فِي أَرْضِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ، فَلَيْسَ لَهُ مِنَ الزَّرْعِ شَيْءٌ، وَلَهُ نَفَقَتُهُ»، وَهَذَا حَدِيثٌ ضَعَّفَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْحَدِيثِ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: لَا أَعْرِفُهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي إِسْحَاقَ إِلا بِرِوَايَةِ شَرِيكٍ، وَيُحْكَى، عَنْ أَحْمَدَ، أَنَّهُ قَالَ: زَادَ أَبُو إِسْحَاقَ فِيهِ «بِغَيْرِ إِذْنِهِ» وَلَمْ يَذْكُرْ غَيْرُهُ هَذَا الْحَرْفَ.