قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ شَبِيبِ بْنِ غَرْقَدَةَ، فَوَصَلَهُ، وَيَرْوِيهِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، وَيُقَالُ: عُرْوَةُ بْنُ الْجَعْدِ الْبَارِقِيُّ بِهَذِهِ الْقِصَّةُ أَوْ مَعْنَاهَا.
وَبَارِقٌ: جَبَلٌ نَزَلَهُ بَعْضُ الأَزْدِ، ثُمَّ نَزَلَ عُرْوَةُ الْكُوفَةَ.
وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ التَّوْكِيلِ فِي الْمُعَامَلاتِ، وَفِي كُلِّ مَا تَجْرِي فِيهِ النِّيَابَةُ، فَقَدْ وُكِّلَ عُمَرُ، وَابْنُ عُمَرَ فِي الصَّرْفِ، وَكَتَبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو إِلَى قُهْرُمَانَهُ وَهُوَ غَائِبٌ عَنْهُ، أَنْ يُزَّكِيَ عَنْ أَهْلِهِ، الصَّغِيرِ والْكَبِيرِ.
قَالَ الإِمَامُ: وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي تَأْوِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ، وَفِي بَيْعِ عُرْوَةَ الشَّاةَ مِنْ غَيْرِ إِذْنٍ لَهُ فِي الْبَيْعِ، فَذَهَب بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى أَنَّ مَنْ بَاعَ مَالَ الْغَيْرِ دُونَ إِذْنِهِ، يَكُونُ الْعَقْدُ مَوْقُوفًا عَلَى إِجَازَةِ الْمَالِكِ، فَإِنْ أَجَازَ صَحَّ، وَيُحْتَجُّ بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَجُوِّزْ، وَتَأَوَّلَ الْحَدِيثَ عَلَى أَنَّ وَكَالَتَهُ كَانَتْ وَكَالَةَ تَفْوِيضٍ وَإِطْلاقٍ، وَالْوَكِيلُ الْمُطْلَقُ يَمْلِكُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ، وَيَكُونُ تَصْرَفُّهُ صَادِرَا عَنْ إِذْنِ الْمَالِكِ، وَلا بَأْسَ أَنْ يَجْعَلَ لِلْوَكِيلِ أَجْرًا مَعْلُومًا عَلَى عَمَلِهِ، كَانَ ابْنُ سِيرِينَ، وَعَطَاءٌ، وَإِبْرَاهِيمُ، وَالْحَسَنُ، لَا يَرَوْنَ بِأَجْرِ السِّمْسَارِ بَأْسًا.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا بَأْسَ أَنْ يَقُولَ بِعْ هَذَا الثَّوْبَ، فَمَا زَادَ عَلَى كَذَا وَكَذَا فَهُوَ لَكَ، وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: