فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَجْحَدَهَا وَأَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا حَقَّهُ، وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: يَأْخُذُ أَحَدَ النَّقْدَيْنِ عَنِ الآخَرِ، وَلا يَجُوزُ الأَخْذِ مِنْ جِنْسٍ آخَرَ.
وَذَهَبَ مَالِكٌ إِلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ جُحُودُ وَدِيعَتِهِ، سَوَاءً كَانَ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ، أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَاحْتَجَّ بِمَا رُوِيَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَدِّ الأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ، وَلا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ» وَالْمُرَادُ مِنْ هَذَا أَنْ يَخُونَهُ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ حَقِّهِ بِزِيَادَةٍ جَزَاءً لِخِيَانَتِهِ، فَأَمَّا اسْتِيفَاءُ قَدْرِ حَقِّهِ فَمَأْذُونٌ لَهُ فِيهِ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ فِي حَدِيثِ هِنْدٍ، فَلا يَدْخُلُ تَحْتَ النَّهْيِ عَنِ الْخِيَانَةِ.
2150 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، أَنا أَبُو الْيَمَانِ، نَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنِي عُرْوَةُ، أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: جَاءَتْ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاللَّهِ مَا كَانَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ أَهْلُ خِبَاءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ يَذِلُّوا مِنْ أَهْلِ خِبَائِكَ، وَمَا أَصْبَحَ الْيَومَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ أَهْلُ خِبَاءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ يَعِزُّوا مِنْ أَهْلِ خِبَائِكَ، ثُمَّ قَالَتْ: إِنَّ أبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ مَسِيكٌ،