أَعُدَّهَا لَهُمْ.
وَفِي رِوَايَةٍ: إِنْ أَحَبُّوا أَنْ أَقْضِيَ عَنْكِ كِتَابَتَكِ.
وَذَهَبَ الأَكْثَرُونَ إِلَى أَنَّ بَيْعَ نُجُومِ الْكِتَابَةِ لَا يَجُوزُ، لأَنَّهَا غَيْرُ مُسْتَقِرَّةٍ، بِدَلِيلِ أَنَّ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يُعَجِّزَ نَفْسَهُ، فَيُسْقِطُهَا عَنْ نَفْسِهِ، فَهُوَ كَبَيْعِ الْمُسلم فِيهِ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَجُوزُ.
وَالْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهَا: أَعُدُّهَا لَهُمْ أَوْ أَقْضِي عَنْكِ: هُوَ الثَّمَنُ الَّذِي تُعْطِيهِمْ عَلَى الْبَيْعِ عِوَضًا عَنِ الرَّقَبَةِ، بِدَلِيلِ مَا رَوَى الْقَاسِمُ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اشْتَرِيهَا وَأَعْتِقِيهَا».
وَاسْتَدَلَّ الشَّافِعِيُّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى جَوَازِ بَيْعِ الرَّقَبَةِ بِشَرْطِ الْعِتْقِ، وَمَوْضِعُ هَذَا الدَّلِيلِ لَيْسَ بِالْبَيِّنِ فِي صَرِيحِ لَفْظِ الْحَدِيثِ، وَإِنَّمَا هُوَ مُسْتَنْبَطٌ مِنْهُ، وَذَلِكَ أَنَّ الْقَوْمَ لَا يَشْتَرِطُونَ الْوَلاءَ إِلا وَقَدْ تَقَدَّمَهُ شَرْطُ الْعِتْقِ.
وَفِي رِوَايَةِ مَنْ رَوَى: «اشْتَرِيهَا وَأَعْتِقِيهَا»، وَرَوَى ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ «ابْتَاعِي وَأَعْتِقِي» بَيَانُ هَذَا الْمَعْنَى.
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي شِرَاءِ الْعَبْدِ بِشَرْطِ الْعِتْقِ، فَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ فِي أَظْهَرِ قَوْلَيْهِ، وَهُوَ قَوْلُهُ الْجَدِيدُ: إِلَى أَنَّ الشِّرَاءَ صَحِيحٌ، وَالشَّرْطُ لازِمٌ.
وَقَالَ النَّخَعِيُّ: كُلُّ شَرْطٍ فِي الْبَيْعِ يَهْدِمُهُ الْبَيْعُ إِلا شَرْطَ الْعِتَاقِ، وَكُلُّ شَرْطٍ فِي النِّكَاحِ يَهْدِمُهُ النِّكَاحُ إِلا الطَّلاقَ.
وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّ الْبَيْعَ صَحِيحٌ، وَالشَّرْطَ بَاطِلٌ، قَالَهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ، وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَكَذَلِكَ مَذْهَبُهُمْ فِي سَائِرِ الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ.
وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ الْبَيْعَ فَاسِدٌ، وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ، ثُمَّ إِنَّهُمْ حَكَمُوا