بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى تَذْهَبَ الْعَاهَةُ» فَقِيلَ لِعَبْدِ اللَّهِ: مَتَى ذَلِكَ؟ قَالَ: طُلُوعُ الثُّرَيَّا.
وَالْمُرَادُ مِنْهُ عِنْدَ الآخَرِينَ حَقِيقَةَ بُدُوِّ الصَّلاحِ، بِدَلِيلِ مَا رَوَيْنَا مِنَ الأَحَادِيثِ، وَإِضَافَتُهُ إِلَى طُلُوعِ الثُّرَيَّا، مِنْ حَيْثُ إِنَّ بُدُوَّ الصَّلاحِ فِي الثِّمَارِ يَكُونُ بَعْدَ طُلُوعِهَا غَالِبًا.
وَرَوَى عِسْلُ بْنُ سُفْيَانَ عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مَا طَلَعَ النَّجْمُ قَطُّ وَفِي الأَرْضِ مِنَ الْعَاهَةِ شَيْءٌ إِلا رُفِعَ».
وَعِسْلُ بْنُ سُفْيَانَ أَبُو قُرَّةَ الْيَرْبُوعِيُّ، مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ فِيهِ نَظَرٌ.
وَأَرَادَ بِالنَّجْمِ: الثُّرَيَّا، وَطُلُوعُهَا بِالْغَدَاة مَعَ الصُّبْحِ، وَذَلِكَ لِثَلاثَ عَشْرَةَ تَخْلُو مِنْ أَيَارَ.
وَيَحْتَجُّ بِهَذَا الْحَدِيثِ مَنْ يُجَوِّزُ بَيْعَ الْمَالِ بَعْدَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهِ، ثُمَّ يُؤَدِّي الزَّكَاةَ مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ، لأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجَازَ بَيْعَ الثِّمَارِ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلاحِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَخُصَّ مَنْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ مِمَّنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ.
وَلِلشَّافِعِيِّ فِيهِ أَقَاوِيلُ، أَحَدُهَا: أَنَّ الْبَيْعَ بَاطِلٌ.
وَالثَّانِي: صَحِيحٌ، وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ.
وَالثَّالِثُ: فِي قَدْرِ الزَّكَاةِ بَاطِلٌ، وَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ، إِنْ شَاءَ أَجَازَ فِي الْبَاقِي بِحِصَّتِهِ مِنَ الثَّمَرِ، وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ الْبَيْعَ.
وَلَوْ بَاعَ حَمَلَ الْبَاذِنْجَانَ، وَالْخِرْبَزَ، وَالْقِثَّاءَ، بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلاحِ فِيهِ، وَهُوَ أَنْ يَظْهَرَ فِي الْخِرْبَزِ أَثَرُ النُّضْجِ، وَفِي الْبَاذِنْجَانِ وَالْقِثَّاءِ أَنْ يَتَنَاهَى عِظَمُهُ، أَوْ عِظَمُ بَعْضِهِ، فَجَائِزٌ، وَيُتْرَكُ حَتَّى يَتَلاحَقَ صِغَارُهُ بِكِبَارِهِ، وَمَا نَبَتَ بَعْدَهُ، فَلِلْبَائِعِ، وَعِنْدَ مَالِكٍ يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي مَا نَبَتَ حَتَّى تَنْقَطِعَ ثَمَرَتُهُ.