أَنا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ، ح.
وَأَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْعَارِفُ، قَالا: أَنا أَبُو بَكْرٍ الْحِيرِيُّ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ، أَنا الرَّبِيعُ، أَنا الشَّافِعِيُّ، أَنا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " نَهَى عَنِ الْمُزَابَنَةِ، وَالْمُزَابَنَةُ: بَيْعُ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ، إِلا أَنَّهُ رَخَّصَ فِي الْعَرَايَا ".
وَهَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ.
أَخْرَجَاهُ مِنْ أَوْجُهٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ.
فَثَبَتَ بِهَذَا أَنَّ الْعَرَايَا مِنْ جِنْسِ الْمُزَابَنَةِ، وَلا تَصِحُّ إِلا بِاعْتِبَارِ الْمُمَاثَلَةِ، فَيُخْرَصُ النَّخْلُ، فَيُقَالُ: ثَمَرُهَا إِذَا جَفَّ يَكُونُ كَذَا، فَيَبِيعَهُ بِقَدَرِهِ مِنَ التَّمْرِ كَيْلا، وَيَقْبِضُ مُشْتَرِي التَّمْرِ التَّمْرَ، وَيُخَلَّى بَيْنَ مُشْتَرِي الرُّطَبِ وَالنَّخْلَةِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ يَقْطَعُهُ مَتَى شَاءَ، فَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَ ذَلِكَ كَانَ فَاسِدًا.
وَقَالَ مَالِكٌ: الْعَريَّةُ: أَنْ يُعَرِّيَ الرَّجُلُ ثَمَرَةَ نَخْلَةٍ أَوْ نَخْلَتَيْنِ فَيُعْطِيهَا رَجُلا، ثُمَّ يَتَأَذَّى بِدُخُولِهِ فَيَشْتَرِيهَا مِنْهُ بِالتَّمْرِ.
وَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ: الْعَرَايَا نَخْلٌ كَانَتْ تُوهَبُ لِلْمَسَاكِينِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَنْتَظِرُوا بِهَا، رُخِّصَ لَهُمْ أَنْ يَبِيعُوهَا بِمَا شَاءُوا مِنَ التَّمْرِ.
وَصُورَتُهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ أَنْ يُعَرِّيَ الرَّجُلُ مِنْ حَائِطِهِ ثَمَرَ نَخَلاتٍ، ثُمَّ يَبْدُوَ لَهُ فَيُبْطِلَهَا، وَيُعْطِيَهُ مَكَانَهَا تَمْرًا.
وَالْحَدِيثُ يَرُدُّ هَذَا، حَيْثُ قَالَ: «إِلا أَنَّهُ رَخَّصَ فِي الْعَرِيَّةِ أَنْ تُبَاعَ بِخَرْصِهَا تَمْرًا» وَلَيْسَ فِيمَا ذَكَرُوا بَيْعٌ، وَلأَنَّهَا مُسْتَثْنَاةُ