قَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَيَدْخُلُ فِي النَّهْيِ كُلُّ صُورَةٍ مُصَوَّرَةٍ فِي رَقٍّ أَوْ قِرْطَاسٍ مِمَّا يَكُونُ الْمَقْصُودُ مِنْهُ الصُّورَةَ، وَكَانَ الرَّقُّ تَبِعًا لَهُ.
فَأَمَّا الصُّوَرُ الْمُصَوَّرَةُ فِي الأَوَانِي وَالْقِصَاعِ، فَإِنَّهَا تَبَعٌ لِتِلْكَ الظُّرُوفِ، بِمَنْزِلَةِ الصُّوَرِ الْمُصَوَّرَةِ عَلَى جُدُرِ الْبُيُوتِ وَالسُّقُوفِ، وَفِي الأَنْمَاطِ وَالسُّتُورِ، فَالْبَيْعُ فِيهَا لَا يَفْسُدُ، وَفِي مَعْنَاهَا الدُّورُ الَّتِي فِيهَا التَّمَاثِيلُ.
وَفِي الْحَدِيث دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ بَيْعَ شَعْرِ الْخِنْزِيرِ لَا يَجُوزُ، وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ الانْتِفَاعِ بِهِ.
فَمِمَّنْ مَنَعَ مِنْهُ: ابْنُ سِيرِينَ، وَالْحَكَمُ، وَحَمَّادٌ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَرَخَّصَ فِيهِ الْحَسَنُ، وَالأَوْزَاعِيُّ، وَمَالِكٌ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ.
وَجَوَّزَ الشَّافِعِيُّ اسْتِعْمَالَ نَجَاسَةٍ غَيْرِ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ، إِذَا لَمْ يُسْتَعْمَلْ فِي نَفْسِهِ، فَجَوَّزَ تَسْجِيرَ التَّنُّورِ بِالْعَذْرَةِ، وَإِيقَادَ النَّارِ بِعَظْمِ الْمَيْتَةِ، وَأَنْ تُزَبَّلَ الأَرْضُ بِالسِّمَادِ، وَقَالَ: إِذَا عُجِنَ بِمَاءٍ نَجِسٍ، أَطْعَمَ نَوَاضِحَهُ وَكِلابَهُ، وَيُلْبِسُ فَرَسَهُ وَأَدَاتَهُ جِلْدَ مَا سِوَى الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ، وَجُوِّزَ الاسْتِصْبَاحُ بِالزَّيْتِ النَّجِسِ.
وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَلا نَعْلَمُ خِلافًا فِي أَنَّ مَنْ مَاتَتْ لَهُ دَابَّةٌ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُطْعِمَ لَحْمَهَا كِلابَهُ وَبُزَاتَهُ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلا يَصِلُ مَا انْكَسَرَ مِنْ عَظْمِهِ إِلا بِعَظْمِ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ ذَكِيًّا، وَقَالَ: لَا يَدَّهِنُ السُّفُنَ بِشُحُومِ الْخَنَازِيرِ.
2041 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكِسَائِيُّ، أَنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ الْخَلالُ، نَا أَبُو الْعَبَّاس الأَصَمُّ ح.
وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْعَارِفُ، قَالا: أَنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحِيرِيُّ، قَالَ: نَا أَبُو الْعَبَّاس الأَصَمُّ، نَا الرَّبِيعُ، أَنا الشَّافِعِيُّ، أَنا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ،