وَكَانَ بِلالٌ إِذَا أُقْلِعَ عَنْهُ يَرْفَعُ عَقِيرَتَهُ، فَيَقُولُ:
أَلا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً ... بِوَادٍ وَحَوْلِي إِذْخِرٌ وَجَلِيلُ
وَهَلْ أَرِدَنْ يَوْمًا مِيَاهَ مَجَنَّةٍ ... وَهَلْ يَبْدُوَنْ لِي شَامَةٌ وَطَفِيلُ
قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: فَجِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْمَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ أَوْ أَشَدَّ، وَصَحِّحْهَا لَنَا، وَبَارِكْ لَنَا فِي صَاعِهَا وَمُدِّهَا، وَانْقُلْ حُمَّاهَا فَاجْعَلْهَا بِالْجُحْفَةِ».
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ، عَنْ مَالِكٍ.
قَوْلُهُ: «وَعِكَ»، يُقَالُ: وَعِكَتُهُ الْحُمَّى تَعِكُهُ، فَهُوَ مَوْعُوكٌ، أَيْ: مَحْمُومٌ.
يَرْفَعُ عَقِيرَتَهُ، أَيْ: صَوْتَهُ.
وَالإِذْخِرُ مَعْلُومٌ، وَالْجَلِيلُ: نَبْتٌ، وَيُقَالُ: إِنَّهُ الثُّمَامُ.
وَمَجَنَّةٌ: سُوقُ مَتْجَرٍ كَانَتْ بِقُرْبِ مَكَّةَ، وَشَامَةٌ وَطُفَيْلٌ: عَيْنَانِ هُنَاكَ.
قَالَ الْخَطَّابِيُّ: كُنْتُ أَحْسِبُ أَنَّهُمَا جَبَلانِ حَتَّى أُثْبِتَ لِي أَنَّهُمَا عَيْنَانِ، وَيُقَالُ: إِنَّ الْجُحْفَةَ كَانَتْ إِذْ ذَاكَ دَارُ الْيَهُودِ، فَلِذَلِكَ